إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث أنس: أنه كان ابن عشر سنين مقدم رسول الله المدينة

          5166- وبه قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ) بضم الموحدة (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (اللَّيْثُ) بنُ سعدٍ الإمامُ (عَنْ عُقَيْلٍ) بضم العين وفتح القاف وسكون التحتية‼، ابنُ خالدٍ الأيليِّ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ أنَّه (قَالَ: أَخْبَرَنِي) / بالإفراد (أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ☺ : أنَّه كَانَ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ مَقْدَمَ رَسُولِ اللهِ صلعم ) بنصب «مقْدَمَ» على الظَّرفية، أي: زمانَ قدومهِ (المَدِينَةَ) في الهجرةِ (فَكَانَ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ(1) والحَمُّويي والمُستملي: ”فكنَّ“ (أُمَّهَاتِي) أي: أمَّه وأخواتها (يُوَاظِبْنَنِي) بالظاء المعجمة والموحدة الساكنة، من المواظبة على الشَّيء، وهو الاستمرارُ عليه، ولأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ: ”يواطِئْنني“ بالطاء المهملة والتحتية مهموزة، من المواطأةِ، أي: يحرِّضْنَني (عَلَى خِدْمَةِ النَّبِيِّ صلعم ، فَخَدَمْتُهُ عَشْرَ سِنِينَ) زاد في «الأدب»: «واللهِ ما قال لي: أفٍّ قط» [خ¦6038] (وَتُوُفِّي النَّبِيُّ صلعم وَأَنَا ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً، فَكُنْتُ أَعْلَمَ النَّاسِ بِشَأْنِ الحِجَابِ حِينَ أُنْزِلَ) حُكمُه في آية الأحزاب (وَكَانَ أَوَّلَ مَا أُنْزِلَ) الحجابُ (فِي مُبْتَنَى) في زمانِ دخول (رَسُولِ اللهِ صلعم بِزَيْنَبَ بِنْتِ) ولغير أبي ذرٍّ: ”ابْنَةِ“ (جَحْشٍ) ♦ (أَصْبَحَ النَّبِيُّ صلعم بِهَا عَرُوسًا، فَدَعَا القَوْمَ) لوليمتها (فَأَصَابُوا مِنَ الطَّعَامِ، ثُمَّ خَرَجُوا وَبَقِيَ رَهْطٌ) ما بين الثَّلاثةِ إلى العشرةِ ولم يسموا (مِنْهُمْ عِنْدَ النَّبِيِّ صلعم ، فَأَطَالُوا المُكْثَ) يتحدَّثون في البيتِ (فَقَامَ النَّبِيُّ صلعم ، فَخَرَجَ وَخَرَجْتُ مَعَهُ لِكَيْ يَخْرُجُوا، فَمَشَى النَّبِيُّ صلعم وَمَشَيْتُ) معه (حَتَّى جَاءَ عَتَبَةَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، ثُمَّ ظَنَّ أَنَّهُمْ خَرَجُوا فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ فَإِذَا هُمْ) أي: النَّفرُ (جُلُوسٌ لَمْ يَقُومُوا، فَرَجَعَ النَّبِيُّ صلعم وَرَجَعْتُ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا(2) بَلَغَ عَتَبَةَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، وَظَنَّ أَنَّهُمْ(3) خَرَجُوا، فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ فَإِذَا هُمْ قَدْ خَرَجُوا، فَضَرَبَ النَّبِيُّ صلعم بَيْنِي وَبَيْنَهُ بِالسِّتْرِ) بزيادة الموحدة (وَأُنْزِلَ الحِجَابُ) في آية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ (4)} الاية[الأحزاب:53].
          ومطابقة الحديث للتَّرجمة ظاهرةٌ، واختلفَ في وقت الوليمةِ؛ فقال ابنُ الحاجبِ من المالكيَّةِ: إنَّه بعد البناء. قال الشَّيخ خليل في «التوضيح»: وهو ظاهرُ المذهب، واستحبَّها بعضُ الشُّيوخِ قبل البناءِ.
          قال اللَّخميُّ: وواسعٌ قبله وبعده. ولمالكٍ في «العتبيَّة»: لا بأسَ أن(5) يُولم قبل البناءِ وبعده. وقال ابنُ يونس: يستحبُّ الإطعامُ عند عقد النِّكاحِ وعند البناءِ. وقال الباجيُّ: المختار منها يومٌ واحدٌ. وقال ابنُ حبيب: وقد أُبيح أكثر من يوم(6)‼ ويكره استدامةُ ذلك أيامًا. انتهى.
          وصرَّح الماورديُّ من الشَّافعية بأنَّها عند الدُّخول، وحديث الباب صريحٌ في أنَّها بعده لقوله فيه: أصبح عروسًا بزينب فدعا القوم.
          وهذا الحديث سبق قريبًا [خ¦4793].


[1] «الكشميهني»: ليست في (ص) و(س).
[2] في (م): «أنه».
[3] في (م) و(د) زيادة: «قد».
[4] قوله: «{إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ}» ليس في (س) و(ص).
[5] في (س) و(ص): «إن لم».
[6] قوله: «وقال ابن حبيب: وقد أبيح أكثر من يوم»: ليس في (ص).