إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أما لو أن أحدهم يقول حين يأتي أهله باسم الله

          5165- وبه قال: (حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ) بسكون العين، الطَّلحيُّ الكوفيُّ، المعروف بالضَّخم قال: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ) بنُ عبد الرَّحمن النَّحويُّ (عَنْ مَنْصُورٍ) هو ابنُ المعتمرِ (عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ) بفتح الجيم وسكون العين المهملة (عَنْ كُرَيْبٍ) مولى ابنِ عبَّاس (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) ☻ أنَّه (قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلعم : أَمَا) بفتح الهمزة وتخفيف الميم، استفتاحية (لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ يَقُولُ حِينَ يَأْتِي) سقط لغير الكُشمِيهنيِّ «أنَّ» (أَهْلَهُ) يجامع امرأتهُ أو سرِّيَّته، وعند أبي داود _كالمصنف_ في «الدَّعوات» من روايةِ جريرٍ عن منصور [خ¦6388]: «لو أنَّ أحدَكُم‼ إذا أرادَ أن يأتي أهلهُ يقول»: (بِاسْمِ اللهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنِي الشَّيْطَانَ) بالإفراد (وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا) بالجمع، وأطلق «مَا» على من يعقلُ لأنَّها بمعنى: «شيءٍ» كقولهِ: {وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ}[آل عمران:36] و«لو» هذه يجوزُ أن تكون للتَّمنِّي على حدِّ {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً}[الشعراء:102] والمعنى: أنَّه صلعم تمنَّى لهم ذلك الخير يفعلونهُ لتحصل لهم السَّعادةُ، وحينئذٍ فيجِيءُ فيه الخلاف المشهورُ: هل يحتاج إلى جوابٍ أو لا؟ وبالثَّاني قال ابنُ الصَّائغ وابنُ هشامٍ، ويجوز أن تكون شرطيَّة والجواب محذوفٌ، والتَّقدير: ليسلم من الشَّيطانُ أو نحو ذلك، ويدل عليه قوله: (ثُمَّ قُدِّرَ بَيْنَهُمَا) ولد (فِي ذَلِكَ) الإتيان (أَوْ قُضِيَ وَلَدٌ) وسقط لغير الكُشمِيهنيِّ قوله: «في ذلك» (لَمْ يَضُرَّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا) ولأحمد: «لم يضرَّ ذلك الولد الشَّيطانُ أبدًا» أي: بإضلالهِ وإغوائهِ، بل يكون من جملةِ العبادِ الَّذين قيل فيهم: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}[الحجر:42]. وفي مرسل الحسنِ عند عبدِ الرَّزَّاق: «إذا أَتى الرَّجل أهلَه فليقلْ: بسمِ الله، اللَّهمَّ بارك لنا فيما رزقتَنَا، ولا تجعلْ للشيطانِ نصيبًا فيما رَزقتَنا» وكان يُرجى إن حملت أن يكونَ ولدًا صالحًا. وهذا يؤيِّد أنَّ المرادَ لا يضرُّه في دينهِ، ولا يقال: إنَّه يُبعدهُ انتفاءُ العصمةِ لأنَّ اختصاصَ من خصَّ بالعصمةِ بطريق الوجوبِ لا بطريقِ الجواز، فلا مانعَ أن يوجد من لا تصدُر منه معصيةٌ عمدًا، وإن لم يكن ذلك واجبًا له.