إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أقام النبي بين خيبر والمدينة ثلاثًا يبنى عليه بصفية

          5159- وبه قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ: ”حَدَّثني“ بالإفراد (مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ) البِيْكندِيُّ، ولأبي ذرٍّ: ”هو ابن سَلام“ قال: (أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ) بنِ أبي كثيرٍ القارئ (عَنْ حُمَيْدٍ) الطَّويل (عَنْ أَنَسٍ) ☺ أنَّه (قَالَ: أَقَامَ النَّبِيُّ صلعم ) لما رجعَ من غزوةِ خيبرَ (بَيْنَ خَيْبَرَ وَالمَدِينَةِ) بسدِّ الصَّهباءَ (ثَلَاثًا) من الأيَّامِ (يُبْنَى عَلَيْهِ) بصيغة المجهول (بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ، فَدَعَوْتُ المُسْلِمِينَ إِلَى) ولأبي ذرٍّ عن المُستملي: ”على“ (وَلِيمَتِهِ، فَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلَا لَحْمٍ) إعلام بأنَّه ما كان فيها من طعامِ المتنعِّمينَ المسرفِينَ(1) بل من طعامِ أهل التَّقشُّفِ (أَمَرَ) ╕ (بِالأَنْطَاعِ) فبسطتْ (فَأُلْقِيَ فِيهَا مِنَ التَّمْرِ وَالأَقِطِ) اللَّبن الجامد (وَالسَّمْنِ، فَكَانَتْ) تلك الحيسَةُ المتَّخذةُ من التَّمرِ والأقطِ والسَّمن (وَلِيمَتَهُ) ╕ (فَقَالَ المُسْلِمُونَ): أهي (إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ) الحرائر (أَوْ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ؟ فَقَالُوا: إِنْ حَجَبَهَا فَهْيَ مِنْ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهْيَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّأَ لَهَا خَلْفَهُ) على ناقتهِ (وَمَدَّ الحِجَابَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ) فكانت من أمَّهات المؤمنينَ.
          وفي الحديث: أنَّ السُّنَّة في الإقامةِ عند الثَّيِّب لا تختصُّ بالحضرِ، ولا تتقيَّد بمن له امرأةٌ غيرها، ولو كان تحته واحدة وجدَّد عليها أخرى أقامَ وجوبًا عند البكرِ الَّتي جدَّدها سبعًا، فإن كانت ثيِّبًا ثلاثًا مُتَواليات لحديث ابنِ حبَّان في «صحيحه»: «سبعٌ للبكرِ وثلاثٌ للثَّيِّب» والمعني فيه زوالُ الحشمةِ بينهما، وَزِيدَ للبكرِ لأنَّ حياءَها أكثرُ، واعتبر تواليها لأنَّ الحشمةَ لا تزولُ بالمفرَّق، فلو فرَّقها لم تحسبْ وقضَاها لها متواليات(2).
          وهذا الحديث سبق في «غزوة خيبر» [خ¦4213].


[1] في (د): «المترفين».
[2] في (ص): «متواليًا».