إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لا يحل لامرأة تسأل طلاق أختها لتستفرغ صحفتها

          5152- وبه قال: (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى) بضم العين، ابن باذامَ العبسيُّ الكوفيُّ قال: (عَنْ زَكَرِيَّاءَ _هو: ابنُ أَبِي زَائِدَةَ_) خالدٌ أبو هبيرةَ (عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ) بن عبد الرحمن ِبن عوف (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) بن عبد الرَّحمنِ بن عوف(1) (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: لَا يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تَسْأَلُ‼ طَلَاقَ أُخْتِهَا) في النَّسب، أو الرَّضاعِ، أو في(2) الدِّينِ، أو في البشريَّةِ لتدخل الكافرة، أو المرادُ الضَّرَّةُ، ولفظ: «لا يحلُّ» ظاهرٌ في التَّحريمِ، لكن حُملَ على ما إذا لم يكن هناكَ سببٌ مجوِّز كرِيبةٍ في المرأةِ لا يسوَّغُ معها الاستمرار في العصمةِ، وقصدتِ النَّصيحةَ المحضَّةَ / إلى غير ذلك من المقاصدِ الصَّحيحةِ، وحملُه على النَّدبِ مع التَّصريحِ بالتَّحريم بعيدٌ. وفي «مستخرج أبي نُعيم»: «لا يصلحُ لامرأةٍ أن تشترطَ طلاقَ أُختِها» وبلفظ الاشتراطِ تحصل المطابقةُ بين الحديث والتَّرجمة، وظاهرُ هذه الرِّواية التي فيها لفظ الشَّرط أنَّ المرادَ الأجنبيَّة، فتكون الأخوَّةُ في الدِّين، ويؤيدُه ما في حديثِ أبي هُريرة عند ابن حبَّان: «لا تَسألُ المرأةُ طلاقَ أُختِها، فإنَّ المسلمةَ أختُ المسلمة» (لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا(3)) أي: تجعَلها فارغةً لتفوزَ بحظِّها من النَّفقةِ والمعروفِ والمعاشرةِ، وهذه استعارةٌ مستملحةٌ تمثيليَّةٌ، شبَّه النَّصيب والبخت بالصَّحفةِ، وحظوظَها وتمتُّعَها بما يوضعُ في الصَّحفةِ من الأطعمةِ اللَّذيذةِ، وشبَّه الافتراقَ المسبَّب عن الطَّلاق باستفراغِ الصَّحفةِ عن تلكَ الأطعمةِ، ثمَّ أدخلَ المشبَّه في جنسِ المشبَّه به، واستعمل في المشبَّه ما كان مستعملًا في المشبَّه به من الألفاظِ. قاله في «شرح المشكاة» فيما قرأتهُ فيه. وفي حديث أبي هُريرة عند البيهقيِّ: «لا تَسألُ المرأةُ طلاقَ أُختِها لتستفرِغَ إنَاء أُختِها، ولتَنكِحْ» _أي: ولتتزوَّج(4) الزَّوجَ المذكورَ_ من غير أن تشترطَ طلاقَ الَّتي قبلها (فَإِنَّمَا لَهَا) أي للمرأةِ التي تسألُ طلاقَ أختِها (مَا قُدِّرَ لَهَا) في الأزلِ، وقد اختُلف في حكم ذلك؛ فقال الحنابلةُ: إن شرطَ لها طلاق ضرَّتها صحَّ، وقيل: لا، وهو الأظهرُ، واختاره جماعةٌ، وكذا حكم بيع أمته، وعلى القولِ بالصِّحَّة فإن لم يفِ(5) فلها الفسخُ. وقال الشَّافعيُّ: يصحُّ ولها مهرُ المثلِ، وفى لها أو لم يفِ.
          والحديث يأتي في «القدر» [خ¦6600] إن شاء الله تعالى بعون الله وقوته، والله أعلم(6).


[1] قوله: «عن أبي سلمة بن عبد الرَّحمن بن عوف» ليس في (ص).
[2] «في»: ليست في (م) و(ص).
[3] في (ب): «صحتها».
[4] في (ص): «لتنزع».
[5] في (د): «يوف».
[6] قوله: «والله أعلم» ليس في (د) و(ص) و(م).