إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: دعي هذه وقولي بالذي كنت تقولين

          5147- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) هو ابنُ مسرهدٍ قال: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ) بكسر الموحدة وسكون الشين المعجمة، ابن لاحقٍ البصرِيُّ، وفي نسخة بـ «اليونينية»: ”عن بشر بن المفضَّل“ قال: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ) أبو الحسنِ المدنيُّ (قَالَ: قَالَتِ(1) الرُّبَيِّعُ) بضم الراء وفتح الموحدة وتشديد التحتية المكسورة (بِنْتُ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ) بكسر الواو المشددة بعدها ذال معجمة، والعَفْراءُ بفتح العين المهملة وسكون الفاء ممدودًا: (جَاءَ النَّبِيُّ صلعم فَدَخَلَ) وللحَمُّويي والكُشمِيهنيِّ: ”يدخلُ“ بصيغة المضارع (حِينَ بُنِيَ عَلَيَّ) وفي رواية حمَّاد بنِ سلمةَ عند ابن ماجه: «صبيحة عرسي» وكانت تزوَّجت إيَاس بن البكير اللَّيثيَّ (فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي) بكسر اللام، أي: مكانك، وقد كان من خصائصهِ صلعم جواز النَّظر للأجنبيَّة والخلوةِ بها (فَجَعَلَتْ جُوَيْرِيَاتٌ لَنَا) لم يقفْ الحافظ ابنُ حجر على تسميتهنَّ (يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ وَيَنْدُبْنَ) أي: يذكرنَ أوصاف (مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِي يَوْمَ بَدْرٍ) بالثَّناء عليهم، وتعديدِ محاسنهِم بالكرم والشَّجاعة ونحوهما، وكان الَّذي قتل يوم بدرٍ معوِّذ ابن عفراء وعوف ومعاذ، أحدهم أبوها، والآخران عمَّاها، فأُطلقت الأبوَّة عليهما تغليبًا (إِذْ) وثبت لفظ: ”إذ“ للكُشمِيهنيِّ(2)، وفي «المغازي»: «حتَّى» [خ¦4001] (قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ) إحدى الجواري: (وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا) يكون (فِي غَدٍْ) بالسكون في «اليونينية» وفرعها، وبالخفض منونًا في غيرهما(3) (فَقَالَ) لها النَّبيُّ صلعم : (دَعِي هَذِهِ) المقالة، فإنَّ مفاتيح الغيب عند الله لا يعلمها إلَّا هو، وأيضًا يحتمل أن يكون المنع(4) أن يوصفَ صلعم (5) في أثناء اللَّعب واللَّهو؛ إذ منصبه أجلُّ وأشرفُ من أن يذكر إلَّا في مجالس الجدِّ (وَقُولِي بِالَّذِي كُنْتِ تَقُولِينَ) من المدحِ والثَّناء، ففيه: جواز ذلك ما لم يفضِ إلى الغلوِّ.
          وفي هذا الحديث: جواز ضربِ الدُّفِّ في النِّكاح، وقد قال الشَّافعيَّة بجوازِ اليراع والدُّفِّ، وإن كان فيه جلاجلُ في الإملاك والختان وغيرهما، وقيل: يحرم اليراعُ وهو المزمار العراقي، ويحرم الغناء مع الآلات ممَّا هو من شعارِ شاربي الخمر، كالطُّنبور وسائر المعازف، أي: الملاهي من الأوتارِ والمزامير، فيحرمُ استعماله واستماعهُ قصدًا، فلو لم يقصدْ لم يحرم، ولا يحرم الطَّبل إلَّا الكُوبة؛ وهو طبلٌ طويل متَّسع الطَّرفين ضيِّق الوسط، يعتادُ ضربه المخنَّثون، ولا يحرمُ ضرب الكفِّ بالكفِّ كما صرَّح به في «الإرشادِ»‼ وغيره، ولا الرَّقص إلَّا أن يكون فيه تكسُّرٌ وتثنٍّ.
          وهذا الحديث قد سبق في «غزوة بدرٍ» [خ¦4001].


[1] في (م): «سمعت».
[2] قوله: «وثبت لفظ إذ للكشميهني» ليس في (د).
[3] العبارة في (ص) على الشكل الآتي: «في اليونينية وفروعها بالخفض منونًا».
[4] في (د): «منع»، وفي (م): «منعه».
[5] في (د): « صلعم أن يوصف».