إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: رأيتك في المنام يجيء بك الملك في سرقة من حرير

          5125- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) هو: ابنُ مُسرهَدٍ قال: (حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ) عروةَ بن الزُّبيرِ (عَنْ عَائِشَةَ ♦ ) أنَّها (قَالَتْ: قَالَ لِي(1) رَسُولُ اللهِ صلعم : رَأَيْتُكِ فِي المَنَامِ) ولأبي ذرٍّ: ”أُريتكِ في المنامِ“(2) بتقديم الهمزة على الرَّاء المضمومة (يَجِيءُ بِكِ المَلَكُ) جبريلُ (فِي سَرَقَةٍ) بفتح الراء(3)، أي: قطعة (مِنْ حَرِيرٍ، فَقَالَ لِي: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَكَشَفْتُ عَنْ وَجْهِكِ الثَّوْبَ) أي: عن وجهِ صورتكِ (فَإِذَا أَنْتِ هِيَ) أي: فإذا أنت الآن تلك الصُّورة، أو كشفتُ عن‼ وجهك عندما شاهدتُك فإذا أنت مثل الصُّورة التي رأيتُها في المنامِ. وهو تشبيهٌ بليغٌ حيث حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مُقامهُ، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: ”فإذا هيَ أنت“ (فَقُلْتُ: إِنْ يَكُ هَذَا) الَّذي رأيتُه (مِنْ عِنْدِ اللهِ يُمْضِهِ) وزاد في روايةٍ في «أوائل النِّكاح» بعد قوله: «رأيتك في المنامِ»: «مرَّتين» [خ¦5078]. واستدلَّ به على تكرارِ النَّظرِ عند الحاجةِ إليه ليتبيَّن الهيئةَ فلا يندم بعد النِّكاحِ. قال الزَّركشِيُّ(4): ولم يتعرَّضوا لضبط التَّكرار، ويحتملُ تقديره بثلاثٍ. قال: وفي خبرِ / عائشةَ الَّذي ترجمَ عليه البخاريُّ الرُّؤيا قبل الخطبة: «أُريتك ثلاثَ ليالٍ».
          وقال ابنُ المُنيِّر: الاستشهادُ بنظره ╕ إلى عائشةَ قبل تزوُّجها لا يثبتُ لوجهين: أحدهما: أنَّ عائشةَ كانت حين الخطبةِ ممَّن يُنظر إليها لطفوليَّتها إذ كانت بنتَ خمس سنين وشيء، ومثلُ هذا السِّنِّ لا عورةَ فيه البتَّةَ. والثَّاني: أنَّ رؤيتهُ لها كانت منامًا، أتاهُ بها جبريل ◙ في سَرَقةٍ من حريرٍ، أي: مثالِها، وحكمُ المنامِ غير حكمِ اليقظةِ. انتهى.
          وتعقَّبه في «المصابيح» فقال: فيه نظرٌ، فتأمله. انتهى.
          ووجه النَّظر أنَّ رؤيته صلعم في النَّوم كاليقظة، فإنَّ رؤيا الأنبياء وحيٌ.
          وقد سبق الحديث والجواب عن قوله: «إِنْ يكُ [هذا] من عند الله يُمْضِه» في «أوائل النِّكاح» في «باب نكاح الأبكار» [خ¦5078].


[1] «لي»: ليست في (م) و(د).
[2] «في المنام»: ليست في (د).
[3] قوله: «بفتح الراء» ليس في (د).
[4] في (د): «الزمخشري».