إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: اذهب فالتمس ولو خاتمًا من حديد

          5121- وبه قال: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ) الجُمحيُّ، نسبه لجدِّه الأعلى(1) لشهرته به، قال: (حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ) بفتح الغين المعجمة وتشديد السين المهملة، محمد بنُ مطرِّف _بكسر الراء المشددة_ اللَّيثيُّ المدنيُّ (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (أَبُو حَازِمٍ) سلمةُ بنُ دينار (عَنْ سَهْلٍ) ابنِ سعدٍ ثبت: ”ابن سعدٍ“ لأبي ذرٍّ، الأنصاريِّ ☺ : (أَنَّ امْرَأَةً عَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَى النَّبيِّ صلعم ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، زَوِّجْنِيهَا) زاد في رواية: «إن لم يكُن لكَ بهَا حاجة» [خ¦5871] (فَقَالَ) ولأبي ذرٍّ: ”قال“ ╕ له: (مَا عِنْدَكَ) تصدقها؟ (قَالَ) الرَّجل: (مَا عِنْدِي شَيْءٌ) أصدقها إيَّاه (قَالَ) ╕ : (اذْهَبْ) / إلى أهلكَ(2) (فَالتَمِسْ(3)) زاد في رواية: «شيئًا» [خ¦5135] واستدلَّ بها على جواز كلِّ ما يتموَّل في الصَّداقِ من غير تحديدٍ، ولفظ: شيء، وإن كان يطلَقُ على غير المالِ لكنَّه مخصوصٌ بدليلٍ آخر، وذلك أنَّه عوض كالثَّمنِ في البيعِ، فاعتبر فيه ما يعتبرُ في الثَّمن ممَّا دلَّ الشَّرع على اعتباره فيه. والالتماسُ افتعالٌ من اللَّمسِ، فهو استعارةٌ، والمراد: الطَّلب والتَّحصيل لا حقيقة اللَّمس (وَلَوْ) كان الملتَمَس (خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ) فإنَّه جائزٌ (فَذَهَبَ، ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: لَا وَاللهِ، مَا وَجَدْتُ شَيْئًا وَلَا خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِي) لي نصفهُ (وَلَهَا نِصْفُهُ) صَداقًا (_قَالَ سَهْلٌ) ☺ : (وَمَا لَهُ رِدَاءٌ_ فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : وَمَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ؟ إِنْ لَبِسْتَهُ) ولأبي ذرٍّ: ”إن لبسَت“ بحذف الضمير المنصوب (لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْ(4) شَيْءٍ) كذا في الفرع، والذي في «اليونينية»: ”لم يكُن عليها منه شيء(5)“ (وَإِنْ لَبِسَتْهُ) هي (لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ. فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى إِذَا طَالَ مَجْلَسُهُ) بفتح اللام مصحَّحًا عليها في الفرع كأصله، وفي غيرهما بكسرها(6)، أي: جلوسهُ (قَامَ) ليذهبَ (فَرَآهُ النَّبِيُّ صلعم فَدَعَاهُ _أَوْ: دُعِي لَهُ_) أي: دعاهُ بنفسهِ، أو أمرَ من دعاه، والشَّكُّ من الرَّاوي (فَقَالَ لَهُ: مَاذَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ؟) أي: ما(7) تحفظُ منه؟ (فَقَالَ(8): مَعِي سُورَةُ كَذَا، وَسُورَةُ كَذَا) مرَّتين، وزاد أبو ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: ”وسورة كذا“ (لِسُوَرٍ يُعَدِّدُهَا) في «فوائد تمَّام»: أنَّها تسعُ(9) سورٍ من المفصَّل، وقيل: كان معه إحدى وعشرون آيةً من البقرة وآل عمران. رواه أبو داود. (فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : أَمْلَكْنَاكَهَا)‼ ولأبي ذرٍّ: ”أمكنَّاكها“ من التَّمكين، والأولى من التَّمليكِ، وفي رواية: «زوَّجتكها» [خ¦5029] وهي رواية الأكثر، وصوَّبها الدَّارقطنيُّ، وجمع النَّوويُّ بأنَّه جرى لفظ التَّزويج أولًا، ثمَّ لفظ التَّمليك أو التَّمكين ثانيًا لأنَّه ملك عصمتها بالتَّزويج وتمكَّن به منها، والباء في قوله: (بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ) للمعاوضةِ(10) والمقابلةِ، على تقدير مضاف، أي: زوَّجتك إيَّاها بتعليمكَ إيَّاها ما معك من القرآن، ويؤيِّده أنَّ في مسلمٍ: «انطلق فقد زوَّجتكها، فعلِّمَها ما معكَ من القرآن(11)»، أو هي للسببيَّة، أي: بسبب ما معَكَ من القرآن(12) فيخلو النِّكاح عن المهرِ، فيكون خاصًّا بهذه القضيَّة، أو يرجعُ إلى مهرِ المثلِ، وبالأوَّل جزمَ الماورديُّ.


[1] «الأعلى»: ليست في (ص).
[2] قوله: «اذهب إلى أهلك»: ليس في (ص).
[3] في (م): «والتمس».
[4] في (د): «منه».
[5] قوله: «منه شيء»: ليس في (د).
[6] قوله: «وفي غيرهما بكسرها»: ليس في (د).
[7] «ما»: ليست في (د).
[8] في (ب) و(س) زيادة: «له».
[9] في (م) و(د): «سبع».
[10] في (ب): «للمعارضة».
[11] في (ص): «القول».
[12] قوله: «أو هي للسببية أي بسبب ما معك من القرآن»: ليست في (ص).