إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: انظرن ما إخوانكن؛ فإنما الرضاعة من المجاعة

          5102- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ) هشامُ بن عبد الملك الطَّيالسيُّ قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاجِ (عَنِ الأَشْعَثِ) بالشين المعجمة والعين المهملة والمثلثة (عَنْ أَبِيهِ) أبي الشَّعثاءِ، سليم بن الأسودِ المحاربيِّ الكوفيِّ (عَنْ مَسْرُوقٍ) أي: ابن الأجدعِ (عَنْ عَائِشَةَ ♦ : أَنَّ النَّبِيَّ صلعم دَخَلَ عَلَيْهَا) حجرَتَها (وَعِنْدَهَا رَجُلٌ) قال في «الفتح»: لم أقفْ على اسمهِ، وأظنُّه ابنًا لأبي القعيسِ، وغلطَ من قال: إنَّه عبد(1) الله بن يزيد رضيعُ عائشةَ؛ لأنَّ عبد الله هذا تابعيٌّ باتِّفاق الأئمَّةِ، وكأنَّ أمَّه التي أرضعَتْ عائشة عاشت بعد النَّبيِّ صلعم فولدته(2) / ، فلذا قيل له: رضيعُ عائشة (فَكَأَنَّهُ) صلعم (تَغَيَّرَ وَجْهُهُ، كَأَنَّهُ(3) كَرِهَ ذَلِكَ) ولمسلم: «فاشتدَّ عليه ذلك، ورأيتُ الغضبَ في وجههِ» (فَقَالَتْ) عائشة: (إِنَّهُ) أي: الرَّجلُ (أَخِي) من الرَّضاعةِ (فَقَالَ) ╕ : (انْظُرْنَ) أي: اعرفْنَ وتأمَّلْنَ (مَنْ إِخْوَانُكُنَّ؟) و«من»: استفهامية مفعول به، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”ما إِخوانُكنَّ“ إيقاعًا لـ «مَا» موقع «مَن»، والأوَّلُ أوجهُ، والإخوانُ: جمعُ أخٍ، لكنَّه أكثرُ ما يستعملُ لغةً في الأصدقاءِ، بخلافِ غيرهم ممَّن هو بالولادةِ، فيقال فيهم: إخوةٌ‼، وكذا الرَّضاع كما في هذا الحديث (فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ المَجَاعَةِ) تعليلٌ للحثِّ على إمعانِ النَّظرِ والتَّفكيرِ(4)، فإنَّ الرَّضاعةَ تجعلُ الرَّضيعَ محرَّمًا كالنَّسبِ، ولا يثبتُ ذلك إلَّا بإنباتِ اللَّحمِ وتقويةِ العظمِ، فلا يكفِي مصَّةٌ ولا مصَّتانِ، بل أن تكون الرَّضاعةُ من المجاعةِ فيشبعُ الولدُ بذلك، ويكون ذلك في الصِّغرِ ومعدتهُ ضعيفةٌ يكفيه اللَّبنُ(5) ويشبعهُ، ولا يحتاجُ إلى طعامٍ آخر.
          وهذا الحديث سبقَ في «باب الشَّهادة على الأنساب» من «كتاب الشَّهادة» [خ¦2647].


[1] في (ب): «عبيد».
[2] قوله: «فولدته» مثبت من الفتح.
[3] في (م): «لأنه».
[4] في (د): «والتفكر».
[5] في (د): «يكفيه الكثير».