إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: حضرنا مع ابن عباس جنازة ميمونة بسرف

          5067- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى) الفرَّاءُ الصَّغير قال: (أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ) أبو عبدِ الرَّحمن قاضي صنعاء (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ) عبد الملك بنَ عبد العزيز (أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (عَطَاءٌ) هو ابنُ أبي رباح (قَالَ: حَضَرْنَا مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ) ☻ (جَنَازَةَ مَيْمُونَةَ) أمِّ المؤمنينَ بنت الحارث الهلاليَّة (بِسَرِفَ) بفتح السين وكسر الراء المهملتين بعدها فاء، موضعٌ بينهُ وبينَ مكَّةَ اثنَا عشرَ ميلًا، وكان النَّبيُّ صلعم بنَى بها فيهِ، وعندَ(1) ابن سعدٍ بإسنادٍ صحيحٍ عن يزيد بن الأصمِّ قال: دفنَّا ميمونةَ بسرفَ في الظُّلَّةِ الَّتي بنَى بها فيها رسول الله صلعم (فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذِهِ زَوْجَةُ النَّبِيِّ صلعم ، فَإِذَا رَفَعْتُمْ نَعْشَهَا) بالعين المهملة والشين المعجمة، سَريْرَهَا الذي وُضِعت عليه وهي ميتةٌ (فَلَا تُزَعْزِعُوهَا) بزايين معجمتين وعينين مهملتين (وَلَا تُزَلْزِلُوهَا) أي: لا تحرِّكوها حركةً شديدةً، بل سيرُوا بها سيرًا وسطًا معتدلًا؛ فإنَّ حُرمتها بعد مَوتها باقيةٌ كحُرمتها في حياتها، وللحَمُّويي ”فَلا(2) تُزعِجُوها“ بدل «فلا تزعزعوها»(3) (وَارْفُقُوا) أي: بها (فَإِنَّهُ كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلعم ) عند موتِه (تِسْعٌ) من الزَّوجاتِ في عصمتِهِ: سودةُ بنت زمعةَ، وعائشةُ، وحفصةُ، وأمُّ سلمةَ، وزينبُ بنت جحشٍ، وأمُّ حبيبةَ، وجويريةُ، وصفيَّةُ، وميمونةُ (كَانَ يَقْسِمُ لِثَمَانٍ) منهنَّ من المبيتِ عندهنَّ (وَلَا يَقْسِمُ لِوَاحِدَةٍ) منهنَّ، وهي سودةُ وهبَتْ ليلَتَها لعائشةَ.
          ومطابقةُ الحديثِ للتَّرجمةِ ظاهرةٌ، ووجهُ تعليلِ ابن عبَّاسٍ الرِّفق بميمونَةَ بأنَّه كان يقسمُ لثمانٍ ولا يقسمُ لواحدةٍ، التَّنبيهُ على مكانةِ ميمونة من وجهينِ: كونُها زوجَتَه صلعم ، وأنَّها كانت عنده غير مرغوبٍ عنها؛ لأنها كانَتْ من اللَّاتِي يقسمُ لهنَّ ╢ ، وقد كانت سودةُ آخر أمَّهاتِ المؤمنين موتًا.
          وهذا الحديث أخرجه مسلم في «النِّكاح»، والنَّسائيُّ فيه، وفي «عِشرة النِّساء».


[1] في (م): «عن».
[2] في (د): «ولا».
[3] في (م) و(د): «ولا تزلزلوها».