إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟

          1940- وبه قال: (حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ) بكسر الهمزة وتخفيف الياء، قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (قَالَ: سَمِعْتُ ثَابِتًا البُنَانِيَّ) بضمِّ المُوحَّدة (يَسْأَلُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ☺ ) بلفظ المضارع في قوله: «يسأل»، قال الحافظ ابن حجرٍ: وهذا غلطٌ؛ فإنَّ شعبة ما حضر سؤال ثابتٍ لأنسٍ، وقد سقط منه رجلٌ بين شعبة وثابتٍ، فرواه الإسماعيليُّ وأبو نُعيمٍ عن البيهقيِّ من طريق جعفر بن محمَّدٍ القلانسيِّ، وأبي قرصافة محمَّد بن عبد الوهَّاب، وإبراهيم بن حُسَين بن دِيزِيل(1)، كلُّهم عن آدم بن أبي إياسٍ شيخ البخاريِّ فيه، فقال: عن شعبة عن حميدٍ قال: سمعت ثابتًا وهو يسأل أنس بن مالكٍ فذكره، وأشار الإسماعيليُّ والبيهقيُّ إلى أنَّ الرِّواية التي وقعت للبخاريِّ خطأٌ، وأنَّه سقط منه حميدٌ، ولأبي ذرٍّ_كما في الفرع_: ”سُئِل أنس بن مالكٍ“ بضمِّ السِّين مبنيًّا للمفعول، وهو كذلك في أصول البخاريِّ، ونسب الأولى في «الفتح» لأبي الوقت: (أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ) للبدن، وحينئذٍ فيُندَب تركها كالفصد ونحوهما(2) تحرُّزًا عن إضعاف البدن وخروجًا من الخلاف في الفطر بذلك وإن كان منسوخًا.
          (وَزَادَ شَبَابَةُ) بالمعجمة(3) والمُوحَّدتين المفتوحات(4) ابن سَوَّارٍ الفزاريُّ قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج: (عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلعم ) قال الحافظ ابن حجرٍ / : وهذا يشعر بأنَّ رواية شبابة موافقةٌ لرواية آدم في الإسناد والمتن إلَّا أنَّ شبابة زاد فيه ما يؤكِّد رفعه، وقد أخرج ابن منده في «غرائب شعبة» طريق شبابة فقال: حدَّثنا محمَّد بن أحمد بن حاتمٍ: حدَّثنا عبد الله بن روحٍ: حدَّثنا شبابة: حدَّثنا شعبة، عن قتادة، عن أبي المتوكِّل عن أبي سعيدٍ، وبه عن شعبة عن حميدٍ عن أنسٍ نحوه، وهذا يؤكِّد‼ صحَّة ما اعترض به الإسماعيليُّ ومن تبعه، ويشعر بأنَّ الخلل فيه من غير البخاريِّ؛ إذ لو كان إسناد شبابة عنده مخالفًا لإسناد آدم لبيَّنه، وهذا واضحٌ لا خفاء به(5)، والله أعلم.


[1] في (ج): «دَيزيل».
[2] في (ب) و(س): «ونحوه».
[3] في (د): «بفتح الشِّين المعجمة».
[4] «المفتوحات»: ليس في (س).
[5] في (د): «فيه».