إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن النبي احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم

          1938- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ) بضمِّ الميم وتشديد اللَّام العمِّيُّ، أخو بهز بن أسدٍ البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ) هو ابن خالدٍ (عَنْ أَيُّوبَ) السَّختيانيِّ (عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ☻ : أَنَّ النَّبِيَّ صلعم احْتَجَمَ) ولابن عساكر: ”قال: احتجم النَّبيُّ صلعم “ (وَهْوَ مُحْرِمٌ، وَاحْتَجَمَ) أيضًا (وَهْوَ صَائِمٌ) وهذا(1) ناسخٌ لحديث: «أفطر الحاجم والمحجوم» [خ¦30/32-3034] لأنَّه جاء في بعض طرقه أنَّ ذلك كان في حجَّة الوداع، وسبق إلى ذلك الشَّافعيُّ، ولفظ البيهقيِّ في «كتاب المعرفة» له بعد حديث ابن عبَّاسٍ: أنَّ النَّبيَّ صلعم احتجم وهو صائمٌ، قال الشَّافعيُّ في رواية أبي عبد الله: وسماع ابن عبَّاسٍ عن(2) رسول الله صلعم عام الفتح، ولم يكن يومئذٍ محرمًا ولم يصحبه محرمًا قبل حجَّة الإسلام، فذكر ابن عبَّاسٍ حجامة النَّبيِّ صلعم عام حجَّة الإسلام(3) سنة عشرٍ، وحديث: «أفطر الحاجم والمحجوم» في الفتح سنة ثمانٍ قبل حجَّة الإسلام بسنتين، فإن كانا ثابتين فحديث ابن عبَّاسٍ ناسخٌ، وحديث: «أفطر الحاجم والمحجوم» منسوخٌ. انتهى. وقال ابن حزمٍ: صحَّ حديث: «أفطر الحاجم والمحجوم» بلا ريبٍ، لكن وجدنا من حديث أبي سعيدٍ: أرخص النَّبيُّ صلعم في الحجامة للصَّائم، وإسناده صحيحٌ، فوجب الأخذ به لأنَّ الرُّخصة إنَّما تكون بعد العزيمة، فدلَّ على نسخ الفطر بالحجامة، سواءٌ كان حاجمًا أو محجومًا، قال في «الفتح»: والحديث المذكور أخرجه النَّسائيُّ وابن خزيمة والدَّارقُطنيُّ، ورجاله ثقاتٌ، ولكن اختُلِف في رفعه ووقفه، وله شاهدٌ من حديث أنسٍ أخرجه الدَّارقُطنيُّ، ولفظه: أوَّل ما كرهت الحجامة للصَّائم أنَّ جعفر بن أبي طالبٍ احتجم وهو صائمٌ، فمرَّ به رسول الله صلعم ‼ فقال: «أفطر هذان»، ثمَّ رخَّص رسول الله صلعم بعدُ في الحجامة للصَّائم.


[1] في (د): «وهو».
[2] في (د): «من».
[3] «عام حجَّة الإسلام»: سقط من (د).