إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب: هل يقال رمضان أو شهر رمضان؟ومن رأى كله واسعًا

          ░5▒ هذا (بابٌ) بالتَّنوين (هَلْ يُقَالُ) مبنيٌّ(1) للمفعول، وللسَّرخسيِّ والمُستملي_كما في «الفتح»_: ”هل يقول“ أي: هل يجوز للإنسان أن يقول: (رَمَضَانُ) بدون(2) شهرٍ (أَوْ) يُقال: (شَهْرُ رَمَضَانَ؟ وَمَنْ رَأَى(3) كُلَّهُ وَاسِعًا) أي: جائزًا؛ بالإضافة وبغيرها، وللكُشْمِيْهَنِيِّ ممَّا في «الفتح»: ”ومن رآه“ بزيادة الضَّمير، قال البيضاويُّ كالزَّمخشريِّ: «رمضان»: مصدر «رمض» إذا احترق، فأُضيف إليه الشَّهر وجُعِل علمًا، فصرَّح _كما قال الدَّمامينيُّ_ بأنَّ مجموع المضاف والمضاف إليه هو العَلَم، ويُجمَع «رمضان» على رمضانات ورماضين وأرمضة وأرمضاء، وسُمِّي بذلك لرمض الحرِّ وشدَّة وقوعه فيه حال التَّسمية لأنَّهم لمَّا نقلوا أسماء الشُّهور من اللُّغة القديمة سمَّوها باسم الأزمنة التي وقعت فيها، فصادف هذا الشَّهر أيَّام رمض الحرِّ، أي: شدَّته(4)، وقال القاضي أبو الطَّيِّب: سُمِّي بذلك لأنَّه يرمض الذُّنوب، أي: يحرقها، وله أسماء غير هذا أنهوها إلى ستِّين، ذكرها الطَّالقانيُّ في كتابه «حظائر القدس»؛ منها: شهر الله، وشهر الآلاء(5)، وشهر القرآن، وشهر النَّجاة(6)، وقول الأكثرين(7): يُكرَه أن يُقال: رمضان بدون شهرٍ، ردَّه النَّوويُّ(8) / في «المجموع»: بأنَّ الصَّواب خلافه كما ذهب إليه المحقِّقون لعدم ثبوت نهيٍ فيه، بل ثبت ذكره‼ بدون شهرٍ كما أشار إليه المؤلِّف بقوله: (وَقَالَ النَّبِيُّ صلعم ) ممَّا وصله المؤلِّف(9) في الباب التَّالي [خ¦1901] (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، وَقَالَ) ╕ ، ممَّا وصله من حديث أبي هريرة [خ¦1914]: (لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ) فلم يقل: شهر رمضان، واعتذر الزَّمخشريُّ وتبعه البيضاويُّ عن هذا ونحوه _بناءً على أنَّ مجموع شهر رمضان هو العَلَم_ بأنَّه من باب الحذف، لا من باب الإلباس؛ كما قال: «بما(10) أعيا النِّطاسيَّ حِذْيَمَا»، أراد: ابن حِذْيَمَ، قال في «المصابيح»: يشير إلى ما أنشده في «المُفصَّل» من قول الشَّاعر:
فهل لكما فيما(11) إليَّ فإنِّني                     طبيبٌ بما أعيا النِّطَاسِيَّ حِذْيَمَا
          وقد عدَّه في «المُفصَّل» من الحذف الملبِس نظرًا إلى أنَّه لا يعلم أنَّ اسم الطَّبيب حِذْيمٌ أو ابن حِذْيَمٍ، وعدَّه هنا من باب الحذف، لا من باب الإلباس نظرًا إلى المشتهر(12) فيما بين البعض كرمضان(13) عند من يعلم أنَّ الاسم شهر رمضان، أو جعله نظيرًا لمجرَّد الحذف ممَّا هو كالعَلَم، وجاز الحذف من الأعلام وإن كان من قبيل حذف بعض الكلمة لأنَّهم أجْرَوا مثلَ هذا العَلَم مجرى المضاف والمضاف إليه؛ حيث أعربوا الجزأين، وقوله: «تَقدَّموا» بفتح التَّاء والدَّال، أصله: تتقدَّموا، فحُذِفت إحدى التَّاءين تخفيفًا، أي: لا تتقدَّموا الشَّهر بصومٍ تعدُّونه منه احتياطًا، ويأتي مبحث هذا إن شاء الله تعالى في بابه.


[1] في (د): «مبنيًّا».
[2] في (د): «بغير».
[3] زيد في (د): «ذلك».
[4] قوله: «لأنَّهم لمَّا نقلوا أسماء الشُّهور من اللُّغة القديمة... الحرِّ، أي: شدَّته» ليس في (د1) و(ص).
[5] في (د): «الأمَّة».
[6] قوله: «ويُجمَع رمضان على رمضانات... وشهر القرآن، وشهر النَّجاة» ليس في (م).
[7] في (م): «الأكثر».
[8] زيد في (م): «كما».
[9] «المؤلِّف»: ليس في (ص) و(م).
[10] «بما»: ليس في (د).
[11] في (د): «لكم فيها»، والمثبت موافقٌ لما في «المصابيح».
[12] في (د) و(ج): «الشَّهر»، وهو تحريفٌ.
[13] في (د): «رمضان».