إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قول الله جل ذكره: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم}

          ░15▒ (بَابُ قَوْلِ اللهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: ‼ {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ}) كنايةٌ عن الجماع، وعُدِّي بـ «إلى» لتضمُّنه معنى: الإفضاء، ثمَّ بيَّن سبب الإحلال(1) فقال: ({هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ}) لأنَّ الرَّجل والمرأة يتضاجعان ويشتمل كلُّ واحدٍ منهما على صاحبه شُبِّه باللِّباس، أو لأنَّ كلًّا منهما يستر حال صاحبه ويمنعه عن الفجور ({عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ}) تجامعون النِّساء وتأكلون وتشربون في الوقت الذي كان حرامًا عليكم ({فَتَابَ عَلَيْكُمْ}) لمَّا تبتم ممَّا اقترفتموه ({وَعَفَا عَنكُمْ}) ومحا عنكم أثره ({فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ}) أي: جامعوهنَّ، فقد نُسِخ عنكم التَّحريم ({وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ}[البقرة:187]) واطلبوا ما قدَّره لكم وأثبته في اللَّوح المحفوظ من الولد، والمعنى: أنَّ المباشر ينبغي أن يكون غرضه الولد؛ فإنَّه الحكمة في خلق الشَّهوة(2) وشرع النِّكاح. ولفظ رواية أبي ذرٍّ: ”{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ} إلى قوله: {مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ}“ .


[1] في (د): «الإفضاء».
[2] في (د): «من خلق الشَّهوة».