إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب وجوب صوم رمضان

          ░1▒ (بابُ وُجُوبِ صَوْمِ) شهر (رَمَضَانَ) وكان في شعبان من السَّنة الثَّانية من الهجرة، و«رمضان»: مصدر «رمض» إذا احترق، لا ينصرف للعلميَّة والألف والنُّون، وإنَّما سمَّوه بذلك إمَّا لارتماضهم فيه من حرِّ الجوع والعطش، أو لارتماض الذُّنوب فيه، أو لوقوعه أيَّام رمض الحرِّ؛ حيث نقلوا أسماء الشُّهور عن اللَّغة القديمة وسمَّوها بالأزمنة التي وقعت فيها، فوافق هذا الشَّهرُ أيَّام رمض الحرِّ، أو من رَمَضَ الصَّائم اشتدَّ حرُّ جوفه(1)، أو لأنَّه يحرق الذُّنوب، ورمضان إن صحَّ أنَّه من أسماء الله تعالى فغير مشتقٍّ، أو راجعٌ إلى معنى: الغافر، أي: يمحو الذُّنوب ويمحقها، وقد روى أبو أحمد بن عديٍّ الجرجانيُّ من حديث نجيحٍ أبي معشرٍ عن سعيدٍ المقبريِّ عن أبي هريرة ☺ قال: قال رسول الله صلعم : «لا تقولوا: رمضان؛ فإنَّ رمضان اسمٌ من أسماء الله تعالى» وفيه: أبو مَعْشَرٍ ضعيفٌ، لكن قالوا: يُكتَب حديثه.
          (وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى) بالجرِّ عطفًا على سابقه: ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ}) يعني: الأنبياء والأمم من لدن آدم، وفيه توكيدٌ للحكم، وترغيبٌ للفعل، وتطييبٌ للنَّفس ({لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة:183]) المعاصي؛ فإنَّ الصَّوم يكسر الشَّهوة التي هي مبدؤها كما قال ╕ [خ¦1905]: «فعليه بالصَّوم؛ فإنَّ الصَّوم له(2) وجاءٌ»، وهل صيام رمضان من خصائص هذه الأمَّة أم لا؟ إن قلنا: إنَّ(3) التشبيه الذي دلَّ(4) عليه‼ كافُ «كما» في قوله: {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ} على حقيقته فيكون رمضان كُتِبَ على مَنْ قبلنا، وذكر ابن أبي حاتمٍ عن ابن عمر ☺ مرفوعًا: «صيام رمضان كتبه الله على الأمم قبلكم» وفي إسناده مجهولٌ، وإن قلنا: المرادُ مطلقُ الصَّوم دون قدره ووقته فيكون التَّشبيه واقعًا على مطلق الصَّوم، وهو قول الجمهور.


[1] في (د): «جوعه».
[2] في (م): «فإنَّه له».
[3] «إنَّ»: ليس في (د).
[4] في (ب) و(س): «يدلُّ».