إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة

          1898- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ) بن سعيدٍ قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ) الأنصاريُّ، مولى زريقٍ(1) المؤدِّب (عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ) نافعٍ (عَنْ أَبِيهِ) مالك بن أبي عامرٍ التَّابعيِّ الكبير (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ) بدون شهرٍ، واحتجَّ به المؤلِّف لجواز ذلك، لكن رواه التِّرمذيُّ بذكر الشَّهر، وزيادة الثِّقة مقبولةٌ، فتكون رواية البخاريِّ مختصرةً منه، فلا تبقى له حجَّةٌ فيه على إطلاقه بدون «شهرٍ» (فُتِحَتْ) بضمِّ الفاء وتخفيف المُثنَّاة الفوقيَّة في الفرع، وفي غيره: ”فُتِّحت“ بتشديدها (أَبْوَابُ الجَنَّةِ) حقيقةً لمن مات فيه أو عمل عملًا لا يفسد عليه، أو هو علامةٌ للملائكة لدخول الشَّهر وتعظيم حرمته، ولمنع الشَّياطين من أذى المؤمنين، قال ابن العربيِّ: وهو يدلُّ على أنَّها كانت مُغلَّقةً، ويدلُّ عليه أيضًا حديث: نأتي باب الجنَّة فنقعقع، فيقول الخازن: من؟ فأقول: محمَّدٌ، فيقول: بك أمرت ألَّا أفتح لأحدٍ قبلك، قال: وزعم بعضهم: أنَّها مُفتَّحةٌ دائمًا من قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا}[الزمر:73] وهذا اعتداءٌ على كتاب الله تعالى وغلطٌ؛ إذ هو جوابٌ(2) للجزاء. انتهى. وتعقَّبه أبو عبد الله الأبيُّ بأنَّه إنَّما يكون جوابًا إذا كانت الواو زائدةً، وكذا أعربه الكوفيُّون، وقال المبرِّد: الجواب محذوفٌ تقديره: سعدوا، والواو للحال، ولم يشكَّ أنَّ الحال لا تقتضي أنَّها مفتوحةٌ دائمًا، ولا يستقيم مع الحديث المذكور إلَّا أن يُقال: تُفتَح له أوّلًا ثمَّ يأتون فيجدونها مفتوحةً. انتهى. أو مجازًا لأنَّ العمل يؤدِّي إلى ذلك، أو لكثرة(3) الثَّواب والمغفرة والرَّحمة؛ بدليل رواية مسلمٍ: «فُتِّحت أبواب الرَّحمة» إلَّا أن يُقال: الرَّحمة من أسماء الجنَّة.
          وهذا الحديث أخرجه هنا مختصرًا، وقد أخرجه مسلمٌ والنَّسائيُّ من هذا الوجه بتمامه مثل رواية الزُّهريِّ الثَّانية، ورواة الحديث مدنيُّون إلَّا شيخه فبلخيٌّ، وأخرجه المؤلِّف في «الصَّوم» [خ¦1889] وفي «صفة إبليس» [خ¦3277]‼، ومسلمٌ في «الصَّوم»، وكذا النَّسائيُّ.


[1] في (د): «رزيقٍ»، ولعلَّ المثبت هو الصواب.
[2] في (د1) و(ص): «إذ لم نجعله جوابًا»، وليس بصحيحٍ.
[3] في (د): «كثرة».