إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: بينا أنا نائم رأيتني على قليب فنزعت ما شاء الله أن أنزع

          7475- وبه قال: (حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ) بفتح التَّحتيَّة والسِّين المهملة (بْنِ جَمِيلٍ) بالجيم المفتوحة (اللَّخْمِيُّ) قال: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ) بسكون العين، ابن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوفٍ (عَنِ الزُّهْرِيِّ مُحَمَّد) بن مسلمٍ (عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ) المخزوميِّ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ أنَّه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ) صلعم (1)، ولأبوي ذرٍّ والوقت: ”قال النَّبيُّ“ ( صلعم : بَيْنَا) بغير ميم (أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي) بضمِّ الفوقيَّة، رأيت نفسي (عَلَى قَلِيبٍ) بفتح القاف وكسر اللَّام وبعد التَّحتيَّة السَّاكنة مُوحَّدةٌ، بئرٍ (فَنَزَعْتُ) من مائها (مَا شَاءَ اللهُ) ╡ (أَنْ أَنْزِعَ، ثُمَّ أَخَذَهَا) منِّي (ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ) أبو بكرٍ الصِّدِّيق(2) ☻ (فَنَزَعَ) من البئر (ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ) دلوًا أو دلوين (وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللهُ يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا عُمَرُ) بن الخطَّاب ☺ (فَاسْتَحَالَتْ) أي: الدَّلو في يده (غَرْبًا) بفتح الغين المعجمة وسكون الرَّاء، من الصِّغر إلى الكبر (فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا) بسكون الموحَّدة وفتح القاف، سيِّدًا (مِنَ النَّاسِ يَفْرِي) بفتح أوَّله وسكون الفاء (فَرِيَّهُ) بفتح الفاء وكسر الرَّاء(3) وتشديد التَّحتيَّة(4)، أي: لم أرَ سيِّدًا يعمل عمله في غاية الإجادة ونهاية الإصلاح (حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ حَوْلَهُ بِعَطَنٍ) وهو الموضع الذي تُساق إليه الإبل بعد السَّقي للاستراحة، وهذا مثالٌ لما جرى للعمرَين ☻ في خلافتهما(5)، وانتفاع النَّاس بهما بعده صلعم ، فكان ◙ هو صاحب الأمر قام به أكمل قيامٍ، وقرَّر قواعد الإسلام، ومهَّد أساسه، وأوضح أصوله وفروعه، فخلفه أبو بكرٍ ☺ وقطع دابر أهل الرِّدَّة، فخلفه عمر فاتَّسع الإسلام في زمانه، فشبَّه أمر المسلمين بالقليب لما فيها من الماء الذي به حياتهم، وأميرهم بالمستقي لهم، وليس في قوله: «وفي نزعه ضعفٌ» حطٌّ من مرتبة أبي بكرٍ وترجيحٌ لعمر(6) عليه، إنَّما هو إخبارٌ عن قصر مدَّة ولايته، وطول مدَّة عمر، وكثرة انتفاع النَّاس به؛ لاتِّساع بلاد الإسلام، وأمَّا قوله: «والله يغفر له» فهي كلمةٌ يدعم بها المتكلِّم كلامه ونعمت الدِّعامة، وليس فيها تنقيصٌ ولا إشارةٌ إلى ذنبٍ، قاله في «الكواكب».
          وسبق ذلك وغيره في «المناقب» [خ¦3664] مع غيره، وذكرته هنا لطول العهد به.


[1] « صلعم »: مثبتٌ من (د).
[2] «الصِّدِّيق»: ليس في (د).
[3] «وكسر الرَّاء»: مثبتٌ من (د).
[4] «وتشديد التَّحتيَّة»: مثبتٌ من (د) و(س).
[5] في (د): «خلافتيهما».
[6] في (ع): «عمر»، والمثبت موافق للكواكب.