إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {تعرج الملائكة والروح إليه}

          ░23▒ (باب قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ}) تصعدُ في المعارج التي جعلها الله لهم ({وَالرُّوحُ}) جبريلُ، وخصَّه بالذّكر بعد العموم، لفضله وشرفه، أو خَلْقٌ هم حفظةٌ على الملائكة، كما أنَّ الملائكةَ حفظةٌ علينا، أو أرواحُ المؤمنين عند الموت ({إِلَيْهِ}[المعارج:4]) أي: إلى عرشه، أو إلى المكان الذي هو محلُّهم وهو في السماء؛ لأنَّها محلُّ بِرِّه وكرامته (وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ}[فاطر:10]) أي: إلى محلِّ القبول والرضا، وكلُّ ما اتَّصف بالقبول وُصِفَ بالرِّفعة والصعود.
          (وَقَالَ أَبُو جَمْرَةَ) بالجيم والرَّاء نصر بن عمران الضُّبَعيُّ، مما سبق موصولًا في «باب إسلام أبي ذرٍّ» [خ¦3861] (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) ☻ : (بَلَغَ أَبَا ذَرٍّ مَبْعَثُ النَّبِيِّ صلعم فَقَالَ لأَخِيهِ) أُنيس بضمِّ الهمزة مصغَّرًا: (اعْلَمْ لِي عِلْمَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ يَأْتِيهِ الخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ) وهذا موضع التّرجمة كما(1) لا يخفى.
          (وَقَالَ مُجَاهِدٌ) فيما وصله الفريابيُّ: (العَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُ الكَلِمَ / الطَّيِّبَ) وقد أخرج البيهقيُّ من طريق عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبَّاسٍ في تفسيرها: {الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} ذِكْرُ الله، {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ}: أداء فرائض الله، فمن ذكر الله ولم يؤدِّ فرائضه رُدَّ كلامه، وقال الفرَّاء معناه: أنَّ العمل الصالح يرفع الكلام الطيِّب إذا كان معه عملٌ صالحٌ، وقال البيهقيُّ: صعود الكلام الطَّيِّب عبارةٌ عن القبول (يُقَالُ): معنى (ذِي المَعَارِجِ) هو (المَلَائِكَةُ) العارجات (تَعْرُجُ إِلَى اللهِ) ╡، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والكُشْمِيهَنيِّ: ”إليه“ وفي قوله: «إلى الله» ما تقدَّم عن السّلف مِنَ التّفويض، وعن الخلف مِنَ التأويل، وإضافةُ المعارج إليه تعالى إضافة تشريفٍ، ومعنى الارتفاع إليه اعتلاؤه مع تنزيهه عن المكان.


[1] في (ع): «لما».