إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {السلام المؤمن}

          ░5▒ (بابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {السَّلَامُ}) سقط لفظ «باب» لغير أبي ذرٍّ، و«السَّلام» هو مصدرٌ نُعِتَ به، والمعنى ذو السَّلامة من النَّقائص والبراءة من العيوب، والفرق بينه وبين القدُّوس: أنَّ القدُّوس يدلُّ على براءة الشَّيء من نقصٍ تقتضيه ذاته، فإنَّ القدُّوس(1): طهارة الشَّيء في نفسه، والسَّلام: يدلُّ على نزاهته عن نقصٍ يعتريه لعروض(2) آفةٍ أو صدور فعلٍ، وقيل: معنى السَّلام: مالك تسليم العباد من المخاوف والمهالك، فيرجع إلى القدرة، فيكون من صفات الذَّات، وقيل: ذو السَّلام على المؤمنين في الجنان كما قال تعالى: {سَلَامٌ قَوْلًا مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ}[يس:58] فيكون مرجعه إلى الكلام القديم، ووظيفة العارف أن يتخلَّق به بحيث يسلم قلبه عن الحقد، والحسد وإرادة الشَّرِّ وقصد الخيانة، وجوارحه عن ارتكاب المحظورات واقتراف الآثام ({الْمُؤْمِنُ}[الحشر:23]) هو الذي آمن أولياءه عذابه، يقال: آمنه يؤمنه فهو مؤمن، وقيل: المصدِّق لرسله بإظهار معجزته(3) عليهم، ومصدِّق المؤمنين ما وعدهم من الثَّواب، ومصدِّق الكافرين ما أوعدهم من العقاب، وقال مجاهدٌ: المؤمن: الذي وحَّد نفسه بقوله: {شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ}[آل عمران:18].


[1] في (ب) و(ع): «القدس».
[2] في (د): «بعروض».
[3] في (د): «معجزاته».