إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب:{قل أي شيء أكبر شهادة قل الله}

          ░21▒ (بابٌ) بالتَّنوين يُذكَر فيه قوله تعالى: ({قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً}؟[الأنعام:19] وَسَمَّى اللهُ تَعَالَى نَفْسَهُ شَيْئًا) إثباتًا لوجوده، ونفيًا لعدمه، وتكذيبًا للزَّنادقة والدَّهريَّة(1) في قول الله ╡: ({قُلِ اللّهِ}) ولأبي ذرٍّ: ”{قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ} فسمَّى الله تعالى نفسه شيئًا“ قال في «المدارك»: {أَيُّ شَيْءٍ} مبتدأٌ، و{أَكْبَرُ} خبرُه، و{شَهَادةً} تمييزٌ، و«أيُّ» كلمةٌ يُراد بها بعضُ ما تضاف إليه، فإذا كانت استفهامًا كان جوابها(2) مسمًّى باسم ما أُضِيفَت إليه، وقوله: {قُلِ اللّهِ} جوابٌ، أي: الله أكبر شهادةً، فـ {اللّهِ} مبتدأٌ، والخبرُ محذوفٌ، فيكون دليلًا على أنَّه يجوز إطلاق اسم «الشَّيء» على الله تعالى؛ وهذا لأنَّ الشَّيء اسمٌ للموجود ولا يُطلَق على المعدوم، والله تعالى موجودٌ فيكون شيئًا، ولذا تقول: الله تعالى شيءٌ لا كالأشياء (وَسَمَّى النَّبِيُّ صلعم القُرْآنَ شَيْئًا) في الحديث الذي بعده (وَهْوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللهِ) تعالى، أي: من صفات(3) ذاته (وَقَالَ: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}[القصص:88]) فيه: أنَّ الاستثناء متَّصلٌ، فإنَّه يقتضي اندراج المستثنى في المستثنى منه، وهو الرَّاجح، فيدلُّ(4) على أنَّ لفظ «شيءٍ» يطلَق عليه تعالى، وقيل: الاستثناء منقطعٌ، والتَّقدير: لكن هو سبحانه لا يهلك.


[1] «والدهرية»: مثبتٌ من (د) و(س).
[2] في (ع): «جوابًا».
[3] في (د): «صفة».
[4] «فيدلُّ»: سقط من (د).