إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {لما خلقت بيدي}

          ░19▒ (بابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}[ص:75]) يريد قوله تعالى لإبليس لمَّا لم يسجد لآدم: {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} امتثالًا لأمري، أي: خلقته بنفسي من غير توسُّطٍ كأبٍ وأمٍّ، والتَّثنية(1) لِمَا في خلقه من مزيد القدرة واختلاف الفعل، وقيل: المراد باليد القدرة، وتُعقِّب: بأنَّه لو كان اليد بمعنى القدرة لم يكن بين آدم وإبليس فرقٌ؛ لتشاركهما فيما خُلِق كلٌّ منهما به، وهي قدرته، وفي كلام المحقِّقين من علماء البيان أنَّ قولنا: اليد مجازٌ عن القدرة إنَّما هو لنفي وَهْمِ التَّشبيه والتَّجسيم بسرعةٍ، وإلَّا فهي تمثيلاتٌ وتصويراتٌ للمعاني العقليَّة بإبرازها في الصُّور الحسِّيَّة، ولأنَّه عُهِدَ أنَّه من اعتنى بشيءٍ باشره بيديه(2)، فيستفاد من ذلك أنَّ العناية بخلق آدم أتمُّ من العناية بخلق غيره، وثبت لفظ: «باب» لأبي ذرٍّ.


[1] في (ع): «التشبيه».
[2] في (د): «بيده».