إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {يريدون أن يبدلوا كلام الله}

          ░35▒ (بابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللهِ}[الفتح:15]) قال المفسِّرون _واللَّفظ «للمدارك»_: أي: يريدون أن يغيِّروا مواعد(1) الله لأهل الحديبية، وذلك أنَّه وعدهم أن يعوِّضهم من مغانم مكَّة مغانم خيبر إذا قفلوا موادعين لا يصيبون منهم شيئًا، وقال ابن بطَّالٍ: أراد البخاريُّ بهذه التَّرجمة وأحاديثها ما أراد في الأبواب قبلها: أنَّ كلام الله صفةٌ قديمةٌ(2) قائمةٌ به، وأنَّه لم يزل متكلِّمًا ولا يزال، قال الحافظ ابن حجرٍ: والذي يظهر لي أنَّ غرضه أنَّ كلام الله لا يختصُّ بالقرآن، فإنَّه ليس نوعًا واحدًا، وأنَّه وإن كان غير مخلوقٍ وهو صفةٌ قائمةٌ به، فإنَّه يُلقيه على من يشاء من عباده بحسب حاجتهم في الأحكام الشَّرعيَّة وغيرها من مصالحهم، قال: وأحاديث الباب كالمصرِّحة بهذا المراد.
          وقوله تعالى: ({لَقَوْلٌ}) ولأبي ذرٍّ: ”{إِنَّهُ لَقَوْلٌ}“ ({فَصْلٌ}) أي: (حَقٌّ {وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ}[الطارق:13_14]) أي: (بِاللَّعِبِ) وهذا مأخوذٌ من قول أبي عبيدة في كتابه «المجاز»: ومن حقِّ القرآن وقد وصفه الله تعالى بهذا أن يكون مهيبًا في الصُّدور، مُعظَّمًا في القلوب، يترفَّع به قارئه وسامعه أن يلمَّ بهزلٍ أو يتفكَّه بمزاحٍ.


[1] في (د): «مواعيد».
[2] «قديمةٌ»: مثبتٌ من (د).