التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الكباث وهو ثمر الأراك

          ░50▒ بابُ الْكَبَاثِ، وَهْوَ ثمَّرُ الأَرَاكِ /
          5453- ذكر فيه حديث جابرٍ ☺ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلعم بِمَرِّ الظَّهْرَانِ نَجْنِي الْكَبَاثَ، فَقَالَ: (عَلَيْكُمْ بِالأَسْوَدِ مِنْهُ، فَإِنَّهُ أَطيبُ)، فَقِيلَ: أَكُنْتَ تَرْعَى الْغَنَمَ؟ قَالَ: (نَعَمْ، وَهَلْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا رَعَاهَا).
          هذا الحديث سلف في أحاديث الأنبياء [خ¦2262].
          والكَباث بفتح الكاف: النَّضِيج، وما لم يُونع منه فهو بَرِيرٌ ومَرْدٌ، والأسودُ منه أشدُّه نُضجًا. وعبارة ابن بطَّالٍ أنَّهُ ثمَرُ الأراكِ الغضُّ منه خاصَّةً، والبَرِيرُ: ثمر الأراكِ الرَّطْبُ منه واليابسُ.
          واعترض ابن التِّين على تفسير البُخارِيِّ الكَبَاث بوَرَقِ الأراك، وقال: إنَّه ليس بصحيحٍ، والذي قالَه أهل اللُّغة أنَّه ثمرُ الأراك، وهو ما رأيناه مِن نسخ البُخارِيِّ كمَا قدَّمتُه. ثمَّ قال: وقِيل: هو نَضِيجُهُ، وإن كان طريًّا فهو مَرْدٌ، وقِيل: عكسُهُ. وقال أبو عُبَيْدٍ: هو ثمر الأراكِ إذا يَبِس وليس له عَجَمَةٌ. وقال أبو زِيَادٍ: هو ثمرٌ يُشبِه التِّين، يأكلُه النَّاس والإبل والغنم. وقال أبو عَمْرٍو: وهو حارٌّ مالحٌ كأنَّ فيه ملحًا.
          وفيه: إباحة أكل ثمر الشَّجر التي لا تُملَك، وكان هذا في أوَّل الإسلام عند عدم الأقوات. وقد أغنى الله عبادَهُ بالحِنْطة والحُبوب الكثيرةِ وَسَعة الرِّزق، فلا حاجةَ بهم إلى ثمر الأراك. قال الدَّاوديُّ: وخصَّ الأنبياء برعاية الغَنَم لأنَّها لا تُركَب فتزهُو أنفُسِ راكبِها. قلت: وإن كان بعضُهم يركب تُيُوس المعْزِ في البلاد الكثيرة الجبال والحرارة، كما ذكره المسْعُوديُّ وغيرُه. وفيه: أنَّ رعيَها فضيلةٌ، وأنَّ رعيَها يُورِث السَّكِينة والوَقَار.
          وقولُه: (أَطَيبُ) في بعض النسخ: <أَيْطَبُ> وهو مقلوبةٌ مثل جَذَب جبَذَ، وهما لغتان.