التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب ما كانَ السلف يدخرون في بيوتهم وأسفارهم من الطعام

          ░27▒ بابُ مَا كَانَ السَّلف يَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِهِمْ وَأَسْفَارِهِمْ مِنَ الطَّعام وَاللَّحْمِ وَغَيْرِهِ.
          وقالت عَائِشَةُ وأسماءُ ☻: صَنَعْنَا لِلنَّبِيِّ صلعم وَأبي بَكْرٍ ☺ سُفْرَةً.
          5423- ثُمَّ ذكرَ حديث عَائِشَةَ ♦ سُئلت أَنَهَى النَّبِيُّ صلعم أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ؟...الحديثَ. وقال ابن كَثِيرٍ: أخبرنا سُفْيَانُ، حَدَّثَنا عبد الرَّحْمَن بن عابِسٍ بهذا.
          5424- وحديث جابرٍ ☺ قال: كُنَّا نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الْهَدْيِ على عَهْدِ رسولِ الله صلعم إِلَى الْمَدِينَةِ. وسلف في الجهاد [خ¦2980]، ويأتي في الأَضَاحِي [خ¦5567].
          ثمَّ قال البُخارِيُّ: تَابَعَهُ مُحَمَّدٌ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. وقال ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: قَالَ: حتَّى جِئْنَا الْمَدِينَةَ؟ قَالَ: لَا.
          الشَّرح: التعليق الأوَّل سلف في أوائل الصَّلاة مُسندًا [خ¦476]، والثاني رواه أبو نُعَيمٍ، عن سُلَيْمَان بن أحمدَ، حَدَّثَنا مُعَاذ بن المثنَّى، حَدَّثَنا مُحَمَّد بن كَثِيرٍ، حَدَّثَنا سُفْيَانُ. وعابِسٌ هو ابن ربيعَةَ النَّخَعِيُّ، اتَّفقا عليه وعلى ابنِه. ومُحَمَّدٌ هذا هو ابن سَلَامٍ، قاله أبو نُعَيمٍ، ثمَّ رواه مِن طريقِ الحُمَيديِّ، حَدَّثَنا سُفْيَان بن عُيَينةَ. والبُخارِيُّ رواه أوَّلًا عن عبد الله بن مُحَمَّدٍ، عن سُفْيَانَ.
          وهذا الباب ردٌّ على الصُّوفيَّة في قولِهم: إنَّه لا يجوز ادِّخار طعامٍ لغدٍ، وأنَّ المؤمنَ الكاملَ الإيمان لا يستحِقُّ اسمَ الوَلَاية للهِ حتَّى يتصدَّقَ بما يفضُل عن شِبَعِه. ولا يتركَ طعامًا لغدٍ، ولا يصبحَ عنده شيءٌ مِن عينٍ ولا عَرَضٍ، ويمسي كذلك، ومَن خالف ذلك فقد أساءَ الظنَّ بربِّهٍ ولم يتوكَّلْ عليه حقَّ توكُّلهِ، وهذه الآثار ثابتةٌ بادِّخار الصَّحابة وتزوُّدِ الشارع وأصحابِه في أسفارهم، وهي المقنَعُ والحُجَّة الكافية في ردِّ قولهم.
          وقد سلف في كتاب الخُمُس [خ¦3094] في حديث مالكٍ بن أوسِ بن الحَدثانِ قولُ عُمَر ☺ لعليٍّ والعبَّاس حين جاءا يطلبان ما أفاءَ الله على رسولِه من بني النَّضير إلى قول عُمَر ☺: فكان ◙ يُنفق على أهلِه نفقةَ سَنَتِهم مِن هذا المال. وقد صحَّ بهذا ادِّخارُهُ لأهلهِ فوق سَنَتِهم. وفيه أُسْوةٌ حسنةٌ، وفي باب نفقة نسائهِ بعد وفاتِه في الخُمُس أيضًا إيضاح ذلك مع الجواب عمَّا عارَضَها.