التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب إسلام سعيد بن زيد

          ░34▒ (بَابُ إِسْلاَمِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ ☺)
          3862- ذكر فيه حديث قيس: (سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فِي مَسْجِدِ الكُوفَةِ يَقُولُ: وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنَّ عُمَرَ لَمُوثِقِي عَلَى الإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عُمَرُ، وَلَوْ أَنَّ أُحُدًا ارْفَضَّ لِلَّذِي صَنَعْتُمْ بِعُثْمَانَ لَكَانَ).
          وذكره في الباب بعده: سمعه يقول للقوم: لو رأيتُني مُوثِقي عُمَرُ على الإسلام أنا وأختُه وما أَسْلَمَ، ولو أنَّ أُحُدًا انقضَّ لِمَا صنعتم بعُثمانَ لكان محقوقًا أن يَنْقَضَّ.
          معنى (ارفضَّ): زال مِن مكانه وتفرَّقت أجزاؤه، وكذلك انفضَّ بالفاء، ومنه قوله تعالى: {لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:159]، وفضَّ الجدارَ وفلَّهُ واحدٌ، قاله الخطَّابيُّ. قال: ولو رواه راوٍ انقضَّ _بالقاف_ كان معناه تقطَّعَ وتكسَّرَ، والقَضِيضُ ما يكسر مِن الحجارة ويقطع منها، وعبارة ابن فارسٍ: انقضَّ الحائط: وقعَ، ومنه: {يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [الكهف:77]، أي ينكسر وينهدم، وقوله: (لَكَانَ مَحْقُوقًا أَنْ يَنْقَضَّ) أي واجبًا عليه، يُقَال: حقٌّ عليك أن تفعلَ كذا، وأنتَ حقيقٌ أنْ تفعلَه، ومحقوقٌ أن تفعلَ ذلك، ومعنى مُوثِقي عُمَرُ على الإسلام، أي ضيَّقَ عليه وأهانَه، وهذا تمثيلٌ.
          وقال الدَّاوديُّ: يقول: لو تحرَّكت القبائل وطلبت بثأر عُثْمَانَ لكان أهلًا لذلك، ولكنَّ سعيدًا ممَّن تخلَّفَ عن القتال، وخشي أن يتراخى الأمرُ إلى ما يريده فكفَّ، وكذلك قال الحسن بن عليٍّ: إنَّ عليًّا أراد أمرًا فتتابعت عليه الأُمُور فلم يجد مَنْزَعًا.
          ومعنى (مُوثِقِي عُمَرُ عَلَى الإِسْلَامِ): أي ضيَّقَ عليه وأهانَه، وقد أسلفنا ترجمة سعيد بن زيدٍ في آخر مناقب أبي عُبَيْدَةَ بن الجَّراحِ فراجعه مِن ثمَّ.