التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب قول النبي: لولا الهجرة لكنت من الأنصار

          ░2▒ (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلعم: لَوْلاَ الهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ، قَالَهُ عَبْدُ اللهِ بنُ زَيْدٍ عن النَّبيِّ صلعم).
          3779- ثمَّ ساق حديثَ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺: (عَنِ النَّبيِّ صلعم أو قال: قال أبو القاسم: لَوْ أَنَّ الأَنْصَارَ سَلَكُوا وَادِيًا أَوْ شِعْبًا لَسَلَكْتُ فِي وَادِي الأَنْصَارِ، وَلَوْلاَ الهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: بِأَبِي وَأُمِّي، آوَوْهُ ونَصَرُوهُ، أو كَلِمَةً أُخْرَى).
          معنى قوله: (لَوْلاَ الهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ) أي ليس أحدٌ أفضلَ منهم إلَّا المهاجرين الأوَّلين الذين صلُّوا القِبلتين، وأراد بذلك تألُّف الأنصار واستطابة أنفسِهم حين يرضى أن يكون واحدًا منهم، لولا ما يمنعه مِن سِمة الهجرة التي لا يجوز تبديلُها، نعم النِّسْبَةُ إلى البلاد والصِّناعة جائزٌ تبديلُه، وكانت المدينة دارَهم وموطنَ هجرتهم، وقد يحتمل أن يكون أراد بهذا القول: لولا أنَّ هذه النِّسبة في الهجرة هجرةٌ دينيَّةٌ لا يسعني تركُها لانفلتُّ عن هذا الاسم وانتسبتُ إلى داركم، فإنَّ نزيل بلدٍ قد يُنسب إليه إذا طال مُقامُه فيه. والشِّعْبُ الطريقُ بين الشجر؛ قاله الدَّاوديُّ، وقيل: هو الفتح في الجبل، والله أعلم.