التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كانَ بهم خصاصة}

          ░10▒ (بَابٌ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر:9])
          3798- ذكرَ فيه حديثَ أبي حازمٍ، واسمُه سَلْمَانُ مولى عَزَّةَ: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللهِ صلعم فَبَعَثَ إِلَى نِسَائِهِ، فَقُلْنَ: مَا مَعَنَا إِلَّا الْمَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: مَنْ يَضُمُّ أَوْ يُضِيفُ هذا؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ...) الحديث، وقد سلف في أوائل مناقب الأنصار الإشارة إليه [خ¦3776].
          وفي كتاب الواحديِّ عن ابن عُمَرَ ☻ قال: أُهْدِيَ لرجلٍ مِن الصَّحابة رأسُ شاةٍ، فقال: إنَّ أخي وعيالَه أَحوجُ مِنَّا إلى هذا، فبعث به إليه، فلم يزل يَبعث بهِ واحدٌ إلى آخر حتَّى تداولها سبعةُ أبياتٍ، حتَّى رجعت إلى الأوَّل فنزلت الآية.
          فائدة: هذا الرجل مِن الأنصار هو أَبُو طَلْحَةَ زيدُ بنُ سهلٍ زوجُ أمِّ سُلَيم، كما صرَّح به الحُمَيْديُّ عن رواية ابن فُضَيلٍ: فقام رجلٌ مِن الأنصار يقال له: أَبُو طَلْحَةَ، يعني: زَيْدَ بن سهلٍ، وعند الخطيب: لا أُراه أبا طَلْحَةَ زيدَ بن سهلٍ بل آخر يُكنى أبا طَلْحَةَ، وقيل: هو ثابتُ بن قيسِ بن الشمَّاسِ؛ قاله القاضي إسماعيلُ في «أحكامه»، قال: وذلك أنَّ رجلًا مِن المسلمين بقي ثلاثة أيَّامٍ لا يَجِدُ ما يفطر عليه، ويصبح صائمًا حتَّى فَطِن له رجلٌ مِن الأنصار يُقَال: ثابتُ بن قيسِ بن شمَّاسٍ، وقد أسلفناه في الباب السالف، ولابن بَشْكُوَالَ، قيل: هو عبدُ اللهِ بنُ رَوَاحَةَ، وذكرَ ابنُ النَّحَّاس في «تفسيره»: أنَّ هذه الآية نزلت في أبي المتوكِّلِ وأنَّ الضَّيفَ ثابتُ بن قيسٍ، وادَّعى ابنُ عساكِرَ أنَّه أبو المتوكِّل النَّاجِي، وهو عجيبٌ لأنَّه تابعِيٌّ، وذكر بعضُهم أنَّه أبو هُرَيْرَةَ.
          وفيه جوازُ نُفوذِ فعل الأب على الابن وإن كان مطويًّا على ضررٍ، إذا كان ذلك من طريق النظر، وأنَّ القولَ فيه قولُ الأبِ والفعلُ فعلُه؛ لأنَّهم نوَّموا الصِّبيان جياعًا، إيثارًا لقضاء حقِّ رسول الله صلعم في إجابة دعوته والقيام بحقِّ ضيفه.