التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب استخدام اليتيم في السفر والحضر إذا كانَ صلاحًا له

          ░25▒ (باب: اسْتِخْدَامِ اليَتِيمِ فِي السَّفَرِ وَالحَضَرِ، إِذَا كَانَ صَلاحًا لَهُ، وَنَظَرِ الأُمِّ وَزَوْجِهَا لِلْيَتِيمِ)
          2768- ذكر فيه حديثَ أنسٍ قَالَ: (قَدِمَ النَّبِيُّ _صلعم_ المَدِينَةَ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ، فَأَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِي، فَانْطَلَقَ بِي إِلَى رَسُولِ اللهِ _صلعم_ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَنَسًا غُلَامٌ كَيِّسٌ فَلْيَخْدُمْكَ، قَالَ: فَخَدَمْتُهُ فِي السَّفَرِ وَالحَضَرِ، مَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا هَكَذَا؟ وَلا لِشَيْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هَذَا هَكَذَا؟).
          الشَّرح: فيه نظرُ الرَّجل لرَبِيبه إذا كان عنده، قال ابن التِّيْنِ: وأكثر أصحاب مالكٍ على أنَّ الأمَّ وغيرها لهم ولاية التَّصرُّف في مصالح مَنْ في كفالتهم ويعقدون له وعليه، وإن لم يكونوا أوصياءَ ويكون حكمُهم حكمَ الأوصياء، وقيل: حتَّى يكون بينه وبين الطِّفل قرابةٌ، وقال ابن القاسم: لا يفعل ذلك إلَّا أن يكون وصيًّا، ووافقهم ابن القاسم في اللَّقيط.
          وقوله: (كَيِّسٌ) هو ضدُّ الأحمق، وفيه السَّفرُ باليتيم إذا كان ذلك مِنَ الصَّلاح، وفيه الثَّناء على المرء بحضرته / إذا أُمِنَ عليه الفتنة، قال أنسٌ: خدمتُه وأَنا ابن عشرٍ، وتوفِّي وأنا ابن عشرين، وتوفِّي أنسٌ سنة ثلاثٍ وتسعين أو اثنتين، وقد زاد على المئة، وهو آخر مَنْ مات بالبصرة مِنَ الصَّحابة، وكان في كبره ضعفَ عن الصَّوم في رمضان، وكان يُفطر ويُطعم، قال الْمُهَلَّبُ: وفيه جوازُ استخدام اليتيم الحرِّ الصَّغير الَّذي لا يحوز أمره، وفيه أنَّ خدمة العالم والإمام واجبةٌ على المسلمين، وأنَّ ذلك شرفٌ لِمَنْ خدمَهم لما يُرْجى مِنْ بركة ذلك.