-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
باب الوصايا
-
باب: أن يترك ورثته أغنياء خير من أن يتكففوا الناس
-
باب الوصية بالثلث
-
باب قول الموصي لوصيه: تعاهد ولدي وما يجوز للوصي
-
باب: إذا أومأ المريض برأسه إشارة بينة جازت
-
باب: لا وصية لوارث
-
باب الصدقة عند الموت
-
باب قول الله تعالى: {من بعد وصية يوصى بها أو دين}
-
باب تأويل قول الله تعالى {من بعد وصية يوصى بها أو دين}
-
باب: إذا وقف أو أوصى لأقاربه ومن الأقارب؟
-
باب: هل يدخل النساء والولد في الأقارب
-
باب: هل ينتفع الواقف بوقفه؟
-
باب: إذا وقف شيئًا فلم يدفعه إلى غيره فهو جائز
-
باب: إذا قال: داري صدقة لله ولم يبين للفقراء أو غيرهم
-
باب: إذا قال أرضي أو بستاني صدقة عن أمي فهو جائز
-
باب: إذا تصدق أو أوقف بعض ماله أو بعض رقيقه أو دوابه فهو جائز
-
باب من تصدق إلى وكيله ثم رد الوكيل إليه
-
باب قول الله تعالى: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى}
-
باب ما يستحب لمن يتوفى فجأةً أن يتصدقوا عنه
-
باب الإشهاد في الوقف والصدقة
-
باب قول الله تعالى: {وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا}
-
باب قول الله تعالى: {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح}
-
باب قول الله تعالى: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا}
-
باب: {ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير}
-
باب استخدام اليتيم في السفر والحضر إذا كانَ صلاحًا له
-
باب: إذا وقف أرضًا ولم يبين الحدود فهو جائز
-
باب: إذا أوقف جماعة أرضًا مشاعًا فهو جائز
-
باب الوقف للغني والفقير والضيف
-
باب وقف الأرض للمسجد
-
باب وقف الدواب والكراع والعروض والصامت
-
باب نفقة القيم للوقف
-
باب: إذا وقف أرضًا أو بئرًا واشترط لنفسه مثل دلاء المسلمين
-
باب: إذا قال الواقف لا نطلب ثمنه إلا إلى الله فهو جائز
-
باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم}
-
باب قضاء الوصي ديون الميت بغير محضر من الورثة
-
باب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░10▒ (باب: إِذَا وَقَفَ أَوْ أَوْصَى لأقَارِبِهِ، وَمَنِ الأقَارِبُ؟
وَقَالَ ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ: قَالَ النَّبِيُّ _صلعم_ لأبِي طَلْحَةَ: اجْعَلْهَا لِفُقَرَاءِ أَقَارِبِكَ، فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.
وَقَالَ الأنْصَارِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ مِثْلَ حَدِيثِ ثَابِتٍ، قَالَ: اجْعَلْهَا لِفُقَرَاءِ قَرَابَتِكَ، قَالَ أَنَسٌ: فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَكَانَا أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنِّي.
وَكَانَ قَرَابَةُ حَسَّانَ وَأُبَيٍّ مِنْ أَبِي طَلْحَةَ وَاسْمُهُ زَيْدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الأسْوَدِ بْنِ حَرَامِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ / بْنِ النَّجَّارِ، وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتِ بن المُنْذِرِ بْنِ حَرَامٍ، فَيَجْتَمِعَانِ إِلَى حَرَامٍ وَهُوَ الأبُ الثَّالِثُ، وَحَرَامُ بْنُ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، فَهُوَ يُجَامِعُ حَسَّانَ وَأَبَا طَلْحَةَ وَأُبَيًّا إِلَى سِتَّةِ آبَاءٍ، إِلَى عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، وَهُوَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ زَيدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، فَعَمْرُو بْنُ مَالِكٍ يَجْمَعُ حَسَّانَ وَأَبَا طَلْحَةَ وَأُبَيًّا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا أَوْصَى لِقَرَابَتِهِ فَهُوَ إِلَى آبَائِهِ فِي الإِسْلامِ).
2752- ثُمَّ ذكر حديثَ أنسٍ أنَّه _◙_ قال لأبِي طَلْحَةَ: (أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ. قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ، وَقَالَ ابْنُ عبَّاسٍ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ} [الشعراء:214] جَعَلَ النَّبِيُّ _صلعم_ يُنَادِي: يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ لِبُطُونِ قُرَيْشٍ، وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء:214] قَالَ النَّبِيُّ _صلعم_: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ).
الشَّرح: قول ابن عبَّاسٍ هذا أسندَه في الفضائل [خ¦3525] والتَّفسير [خ¦4770]، وعند مسلمٍ: صَعِدَ عَلَى الصَّفَا، وفي لفظٍ: خرجَ إلى البطحاء، فصَعِد الجبل ينادي: يَا صَبَاحَاهْ، وللتِّرمِذيِّ: وضعَ إصبعَيه في أُذنَيه ورفع صوتَه فقال: ((يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، يَا صَبَاحَاهْ)).
وقول أبي هريرة قد أسنده في الباب بعده [خ¦2753]، وقوله: (وَهُوَ يُجَامِعُ حَسَّانَ وَأَبَا طَلْحَةَ وَأُبَيًّا) كذا وقع في رواية المَرْوَزيِّ والهَرَويِّ، وفي أخرى: <فَهُوَ يَجْمَعُ حسَّان وأبو طلحة وأُبيٌّ> برفع الجميع، وهو صوابٌ أيضًا، وهذا الكلام يحتاج إلى إيضاحٍ نَبَّه عليه الدِّمْياطيُّ الحافظُ النَّسَّابة، وذلك أنَّ أبا طلحة زيدُ بن سهل بن الأسود بن حَرام بن عمرو بن زيد مَناة بن عَديِّ بن عمرو بن مالك بن النَّجَّار، وأُبيُّ بن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النَّجَّار.
فيجتمع أبو طلحة وحسَّان وأُبيُّ بن كعب في عمرو بن مالك بن النَّجَّار، ويجتمع أبو طلحة وحسَّان في حَرام بن عمرٍو جدِّ أبويهما، وبنو عديِّ بن عمرو بن مالكٍ يُقال لهم: بنو مَغالة، وبنو معاوية بن عمرو بن مالكٍ يُقال لهم: بنو جَدِيلة، بطنان مِنْ بني مالك بن النَّجَّار، فقوله: (فَهُوَ يُجَامِعُ حَسَّانَ وَأَبَا طَلْحَةَ وَأُبَيًّا) هو ضمير الشَّأن.
إذا تقرَّر ذلك فالبُخاريُّ ترجم على أنَّه يخصُّ بالعطيَّة أقربَ النَّاس إلى المعطي وإن كان ثَمَّ قرابةٌ فوقه.
وقال الدَّاوُديُّ: لا حجَّة فيه في الوصايا لأنَّه _◙_ إنَّما أشار عليه أن يضع ماله في أقاربه ففعل، فبدأ بأقرب أقاربه، وهذا لا يرفع اسم القرابة عمَّنْ فوقهم، والآية الَّتي ذكرها البُخاريُّ تدلُّ على خلاف ذلك لأنَّه لم يُرِد بها بنو عبد المطَّلب خاصَّةً لأنَّهم أقربُ النَّاس إلى رسول الله صلعم.
وقد اختلف العلماء إذا أوصى بثلثه لأقاربه أو لأقارب فلانٍ مِنَ الأقارب الَّذين يستحقُّون الوَصيَّة فقال الكُوفيُّون والشَّافعيُّ: يدخل في ذلك مَنْ كان مِنْ قِبَل الأب والأمِّ، غير أنَّهم رتَّبوا أقوالهم على ترتيبٍ مختلفٍ، فقال أبو حَنِيفةَ: القرابة هم كلُّ ذي رَحمٍ مَحْرَمٍ مِنْ قِبَل الأب والأمِّ ممَّن لا يرثُ غير أنَّه يبدأ بقرابة الأب على قرابة الأمِّ، وتفسير ذلك أن يكون له خالٌ وعمٌّ، فيبدأ بِعَمِّه على خاله فيجعل له الوَصيَّة، وقال صاحباه والشَّافعيُّ: سواءٌ في ذلك قرابة الأب والأمِّ ومَنْ بَعُدَ منهم أو قَرُب، ومَنْ كان ذا رَحمٍ مَحرمٍ أو لم يكن، وهو قول أبي ثَورٍ، وقال أبو يوسفَ ومحمَّدٌ: القرابة مَنْ جمعَه أبٌ وأمٌّ منذ كانت الهجرة، قالا: ولا يدخل في ذلك الولدُ ولا الوالدان.
وقال آخرون: القرابة كلُّ مَنْ جمعَه والموصيَ أبوه الرَّابعُ إلى مَنْ هو أسفل منه، وهو قول أحمدَ، وقال آخرون: القرابة: كلُّ مَنْ جمعه والموصيَ أبٌ واحدٌ في الإسلام أو الجاهليَّة ممَّن يرجع بآبائه وأمَّهاته إليه أبًا عن أبٍ أو أمًّا عن أمِّ إلى أن يلقاه، وقال مالكٌ: لا يدخل في الأقارب إلَّا مَنْ كان مِنْ قِبَل الأب خاصَّةً العمُّ وابنُه والأخ وشبهُهم، ويبدأ بالفقراء حتَّى يغنَوا، ثُمَّ بعطاء الأغنياء، هذا ما نقله ابن بَطَّالٍ عنه، ونقل عنه ابن التِّيْنِ أنَّه إذا أوصى للقرابة يعطي القرابة مِنَ الرِّجال والنِّساء لأنَّ اسم القرابة يقع عليهم، قال: وبه قال الشَّافعيُّ، وزاد بعضُهم: وأقربُهم وأغناهُم وأفقرُهم سواءٌ لأنَّهم أُعطوا باسم القرابة كما أُعْطي مَنْ شهد القتال بالحضور.
قال: وقيل: لا يدخل مَنْ كان مِنْ قبل الأمِّ، وإنَّما جَوَّز أهلُ هذه المقالات الوَصيَّة للقرابة إذا كانت تلك القرابةُ تُحصى وتُعرف كما نبَّه عليه الطَّحَاويُّ، فإنْ كانت لا تُحْصَى ولا تُعْرف فإنَّ الوَصيَّة لها باطلٌ في قولهم جميعًا إلَّا أن يوصيَ لفقرائهم، فتكون جائزةً لِمَنْ رأى الموصي دَفْعَها إليه منهم، وأقلُّ ما يجوز أن يجعلها فيهم اثنان فصاعدًا في قول محمَّدٍ، وقال أبو يوسفَ: إنْ دفعها إلى واحدٍ أجزأه، واحتجَّ للصَّاحبين بأنَّه _◙_ لمَّا قسم سهم ذوي القُربى أعطى بني هاشم جميعًا، وفيهم مَنْ رَحِمُه منهم محرَّمةٌ وغير محرَّمةٍ، وأعطى بني المطَّلب وأرحامهم جميعًا منه غيرُ محرَّمةٍ لأنَّ بني هاشمٍ أقربُ إليه مِنْ بني عبد المطلب، فلمَّا لم يقدِّم في ذلك رسول الله _صلعم_ مَنْ قَرُبَت رَحِمُه على مَنْ بَعُدَت، وجعلهم كلَّهم قرابةً يستحقُّون ما جُعل إليه لقرابته سقط قول أبي حَنِيفةَ في اعتباره ذا الرَّحم المَحرَم واعتباره بالأقرب، وسقط قولُ مَنْ جعل أهل الحاجة منهم أولى لأنَّه _◙_ عمَّ بعطيَّته بني هاشم وفيهم أغنياءُ، وحُجَّةٌ أخرى على أبي حَنِيفةَ، وذلك أنَّه _◙_ لمَّا أمرَ أبا طلحة أن يجعل أرضه في فقراء قرابته جعلها لحسَّان وأُبَيٍّ، وأُبيٌّ إنَّما يلقى أبا طلحة عند أبيه السَّابع، ويلتقي مع حسَّان مع أبيه الثَّالث، فلم يقدِّم أبو طلحة حسَّانًا لقرب رَحِمه على أُبيٍّ لبعد رحمِه منه، ولم يرَ واحدًا منهما مستحقًّا لقرابةٍ منه في ذلك إلَّا كما يستحقُّ منه الآخر فثبت فسادُ قوله.
واحتجَّ له بأنَّه _◙_ أعطى حسَّان بن ثابتٍ وأُبَيًّا لقربهما إليه، ولم يُعْطِ أنسًا شيئًا والأقرب أولى كالميراث، ولأنَّا لو سَوَّينا بينه وبين القريب والبعيد أدَّى ذلك إلى إبطالها لأنَّ المقصود بها الأدنى، وإذا اشترك فيها مَنْ لا يُحصى دخل الغنيُّ والفقير إلى آدم لأنَّه ليس أبٌ ينسب إليه بالقرابة بأولى مِنْ أبٍ، والوَصيَّة والوقف سواءٌ.
وفي روايةٍ: ((فَجَعَلَها أبو طَلْحَةَ علَى ذَوِي رَحِمِهِ))، ولأنَّ المقصود بها الصِّلة، فالرَّحم المَحرَم أولى كالنَّفقة وإيجاب العتق، وذو الرَّحم المَحرَم أولى بالصِّلة مِنْ ذي الرَّحم غير المَحرَم، واحتجَّ مَنْ صَرف للتَّعدد بحديث أبي طلحة مِنْ حيث إنَّه لو اكتفى بالواحد لأعطى حسَّان وحدَه دون أُبيٍّ لأنَّه أقربُ إليه مِنْ أُبَيٍّ، فلمَّا كان المعتبر في ذلك الاثنين أعطاهما وإن كانا ليسا متساويين في الدَّرجة مع قول السُّهَيليِّ: كان ابنُ عمَّة أبي طلحة أمُّه سُهيلة بنت الأسودِ بن حرامٍ، وكذا قوله: (فِي الأَقْرَبِينَ) وفِي أَقَارِبِكَ، وأقلُّ الجمع اثنان.
واحتجَّ بعضُ أصحابنا فقال: إنَّما استحقُّوا باسم القرابة فيستوي في ذلك القريبُ والبعيدُ والغنيُّ والفقيرُ كما أعطى مَنْ شهد القتالَ باسم الحضور، ثُمَّ نظرنا في قول مَنْ قال: هو إلى آبائه في الإسلام، فرأينا الشَّارع أعطى سهم ذي القربى بني هاشمٍ وبني المطَّلب، ولا يجتمع هو مع أحد منهم إلى أبٍ منذ كانت الهجرة، وإنَّما يجتمع معهم في آباء كانوا في الجاهليَّة، وكذلك أبو طلحة وأُبيٌّ وحسَّان لا يجتمعون عند أبٍ إسلاميٍّ، ولم يمنعهم ذلك أن يكونوا قرابةً يستحقُّون ما جُعل للقرابة، فبطَل قولُ صاحب الصَّاحبين كما قال الطَّحَاويُّ وثبَت أنَّ الوَصيَّة لكلِّ مَنْ تُوُقِّف على نسبه عن أبٍ أو أمٍّ حتَّى يلتقيَ هو والموصي لقرابته إلى جدٍّ واحدٍ في الجاهليَّة أو في الإسلام، وأمَّا الَّذين قالوا: إنَّ القرابة هم الَّذين يلتقون عند الأب الرَّابع فإنَّهم / ذهبوا إلى أنَّه _◙_ لمَّا قَسَّم سهم ذي القُربى أعطى بني هاشمٍ وبني المطَّلب، وإنَّما يلتقي هو وبنو المطَّلب عند أبيه الرَّابع لأنَّه محمَّد بن عبد الله بن عبد المطَّلب بن هاشم بن عبد مَنافٍ، والآخرون هم بنو المطَّلب بن عبد مَنافٍ، فإنَّما يلتقي معهم عند عبد مَنافٍ وهو أبوه الرَّابع، فمِنَ الحجَّة عليهم في ذلك للآخرين أنَّه _◙_ لمَّا أعطاها حَرم بني أميَّة وبني نوفلٍ، وقرابتُهم منه لقرابة بني المطَّلب، فلم يحرمْهم لأنَّهم ليسوا قرابة، ولكن لمعنًى غيرِ القرابة، فكذلك مَنْ فوقَهم لم يحرمهم لأنَّهم ليسوا قرابةً، ولكن لمعنًى غيرها.
وكذلك أعطى أبو طلحة لحسَّان وأُبيٍّ، وإنَّما يلتقي مع أُبيٍّ لأبيه السَّابع، فلم ينكر _◙_ على أبي طلحة ما فعل، وقد أمر الله _تعالى_ نبيَّه أن يُنذر عشيرتَه الأقربين، فدعا عشائر قريشٍ كلَّها، ومنهم مَنْ يلقاه عند أبيه الثَّاني وعند أبيه الثَّالث والرَّابع والخامس والسَّابع، ومنهم مَنْ يلقاه عند آبائه الَّذين فوق ذلك، إلَّا أنَّه ممَّن جمعته وإيَّاهم قريشٌ، فبطَل قولُ مَنْ جعله إلى الأب الرَّابع، وثبت قولُ مَنْ جعله إلى أبٍ واحدٍ في الجاهليَّة أو الإسلام.
واحتجَّ أصحابُ مالكٍ لقوله: إنَّ القرابةَ قرابةُ الأب خاصَّةً لأنَّه _◙_ لمَّا أعطى ذَوِي القُربى لم يعطِ قرابته مِنْ قِبَل أمِّه شيئًا، وسيأتي إيضاحُه في الباب بعده، وقد سلف كثيرٌ مِنْ معنى حديث أبي طلحة في باب: فضل الزَّكاة على الأقارب مِنْ كتاب الزَّكاة [خ¦1461].
فرعٌ: اختَلف قول مالكٍ في دخول القرابة وكذا البناتُ، فمنعَه ابن القاسم، وكذا مَنْ كان مِنْ قِبَل الأمِّ، وقال ابن الماجِشُون بالدُّخول، واختُلف فيما إذا قال: لآبائي، هل تدخل العمومة أو الخالات؟ والمختار عندهم الدُّخول لقوله _تعالى_: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} [يوسف:100] يعني أباه وخالته، وكذلك اختُلف إذا قال: بَنيَّ، هل تدخل البنات؟
خاتمةٌ: قال ابن التِّيْنِ: قولُ مَنْ قال في البُخاريِّ: (إِذَا أَوْصَى لِقَرَابَتِهِ فَهُوَ إِلىَ آبَائِهِ فِي الإِسْلَامِ) ثُمَّ نُقل عن أبي يوسف أنَّ الوَصيَّة لقرابته دونَ رَحِمه المحرَّمة وغيرهم مِنَ الرِّجال والنِّساء، الأقربُ والأبعدُ في ذلك سواءٌ إلى أقصى أبٍ له في الإسلام مِنَ الرِّجال والنِّساء، ثُمَّ نُقل عن الدَّاوُديِّ أنَّه قال: إن أراد القائل في البُخاريِّ مِنْ عَديِّ مُضرَ وقحطانَ فهو معنى قول مالكٍ، وترتيب الدِّية وأمَّا عدنان وقحطان فهم يتناسبون إليها، وكذلك يتعاقلون لأنَّهم سواءٌ في دارهم تناسبوا في حياة رسول الله _صلعم_ وليس كذلك غيرهم.
أخرى: في قوله في حديثِ أبي هريرة: ({وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ}) [الشعراء:214] دلالةٌ أنَّه لا يخصُّ بالقرابة أقربهم إلى الموصي، وبنو عبد مَنافٍ أربعُ قبائل تقدَّمت: بنو هاشمٍ وبنو المطَّلب وبنو عبد شمسٍ وبنو نَوفلٍ، وأقربُهم للنَّبيِّ _صلعم_ بنو هاشمٍ، وأقرب بني هاشمٍ عبدُ المطَّلب، وأدخل النَّبيُّ _صلعم_ الرِّجال والنِّساء والقبائل على أنَّ بعضهم أبعدُ مِنْ بعض، قال _تعالى_: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} [الحجرات:13] فالشُّعوب: القبائل العِظام كمضرَ وربيعة وتميمٍ وقيسٍ، والقبائل دون ذلك كقريش ونحوها، والأفخاذ: كبني هاشمٍ وبني عبد شمسٍ.
تنبيهٌ: وقع في شرح بعض شيوخنا هنا أنْ قال بعد ترجمة البُخاريِّ: وقال إسماعيل بن جعفرٍ: أخبرني عبد العزيز بن عبد الله عن إسحاق بن عبد الله قال: لا أعلمه إلَّا عن أنسٍ فذكر حديث بَيْرُحاءَ في الزَّكاة، ثُمَّ نقل عن الطَّرْقِيِّ أنَّه قال: إنَّ البُخاريَّ أخرجه عن الحسن بن شَوْكَرٍ عن إسماعيلَ بن جعفرٍ، وأخرجه أبو داود الطَّيَالِسيُّ في «مسنده» عن همَّام بن يحيى عن إسحاقَ بن عبد الله، انتهى ما ذكره، وهو عجيبٌ منه فهذا الحديث ليس في الباب، وإنَّما ساقه البُخاريُّ بعدُ بأبوابٍ في باب: مَنْ تصدَّق إلى وكيله ثُمَّ ردَّ الوكيلُ إليه [خ¦2758]، ولم يسُقْه منقطعًا، إنَّما ساقه مسندًا عن إسماعيل بن جعفرٍ قال: حدَّثنا إسماعيلُ أخبرني عبد العزيز، فذكره، قلت: والحسن بن شَوْكَرٍ مِنْ رجال أبي داود فقط.