التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الصدقة عند الموت

          ░7▒ (بَابُ: الصَّدَقة عِنْدَ المَوْتِ)
          2748- ذكرَ فيه حديثَ سُفيانَ _وهو الثَّوريُّ فيما قاله أبو نُعَيْمٍ_ (عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ _☺_ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ _صلعم_: يَا رَسُولَ اللهِ! أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ...) الحديث.
          سلف في الزَّكاة [خ¦1419]، وهو دالٌّ على أنَّ أفضل الصَّدقات ما جاهد الإنسانُ فيه نفسَه وغلَّب طاعة الله على شهواته وجاهدها أيضًا على حُبِّ الغنى وجمع المال.
          وقوله: (إِذَا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ) فيه ذمُّ مَنْ أذْهب طيِّباته في حياته ولم يُقدِّم لنفسه مِنْ ماله في وقت شُحِّه وحبِّ غناه، حتَّى إذا رأى المال لغيره جعل يتبرع بالوَصيَّة لفلانٍ كذا ولفلانٍ كذا، ويتورَّع عن التَّبعات والمظالم، ورُوي عن ابن مسعودٍ في قوله: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} [البقرة:177] قال: أنْ تؤتيَه وأنت صحيحٌ شحيحٌ، تأمَل الغنى وتخشى الفَقر، وقال قَتَادة: يا ابْن آدم اتَّقِ الله ولا تجمع إساءتين في مالِكَ، إساءةً في الحياة الدُّنيا، وإساءةً عند الموت، انظر قرابتك الَّذين يحتاجون ولا يَرِثونك، أوصِ لهم مِنْ مالك بالمعروف، وقال ابن عبَّاسٍ: الضِّرار في الوَصيَّة مِنَ الكبائر، ثُمَّ قرأ: {تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} الآية [البقرة:229] وقال عَطاءٌ في قوله _تعالى_: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا} [البقرة:182] قال: ميلًا، وقد أسلفنا ذلك عَن البُخاريِّ أيضًا بزيادةٍ [خ¦55/1-4278]، ويُستحبُّ له أنْ يوصيَ لقرابته الَّذين لا يرثون لقوله _◙_: ((الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ)) والَّذي يجب أنْ يُردَّ مِنَ الوَصيَّة مِن باب الميل والجور الوَصيَّةُ بأكثرَ مِنَ الثُّلث، والوَصيَّةُ للوارث، والوَصيَّةُ في أبواب المعاصي.
          وقوله: (قُلْتَ: لِفُلانٍ كَذَا وَلِفُلانٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلانٍ) قال الدَّاوُديُّ: معناه أن يُقِرَّ لفلانٍ ويوصيَ لفلانٍ أنَّ ما كان مِنَ الإقرار ما كانَ ينبغي له تأخيرُه، والوَصيَّة سبَقت في علم الله أنَّه سينالها، فلو كان ذَلك في الصِّحَّة كان أفضل، وقَالَ الخَطَّابِيُّ: معنى (وَقَدْ كَانَ لِفُلانٍ) أي صار المال للوارث، فهو مخيَّرٌ في إجازة ذَلك.