شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من صلى بالناس جماعة بعد ذهاب الوقت

          ░36▒ باب: مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ جَمَاعَةً بَعْدَ ذَهَابِ الْوَقْتِ.
          فيه: جَابِر: (أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ(1) جَاءَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا كِدْتُ أن(2) أُصَلِّي الْعَصْرَ، حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ، قَالَ(3) رسول الله صلعم: وَاللهِ(4) مَا صَلَّيْتُهَا، فَقُمْنَا إلى بُطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ لِلصَّلاةِ، وَتَوَضَّأْنَا لَهَا، فَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَمَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ). [خ¦596]
          قال بعض أهل العلم(5): لا أعلم خلافًا في جواز جمع الصلاة بعد ذهاب الوقت، لمن فاتتْه بِعُذْرٍ بيِّن كالنوم وشبهِهِ إلَّا الليث بن سعد، فإنَّه قال في القوم تفوتهم الصَّلاة أنَّهم يُصلون فرادى، وهذا الحديث خلاف قولِه، وحجَّة للجماعة(6). واختلف أصحاب مالك فيمن فاتتْه(7) الجمعة لعذر أو غير عذر، فقال ابن القاسم: كنت مع ابن وهب بالإسكندرية، فلم نأت الجمعة لأمر خفناه، ومعنا قوم، فكرهتُ أن أجمع بهم، وجمع بهم(8) ابن وهب، فسألنا مالكًا عن ذلك فقال: لا يجمع إلَّا المسافرون والمسجونون(9) والمرضى(10). وقال الكوفيون: لا يصلِّي الظهر جماعة في المصر، وسواء كانوا مرضى أو مسجونين(11)، وهو قول الثوريِّ، وفي «المجموعة» عن ابن(12) القاسم: لا يجوز للمرضى والمسجونين الجمع، وروى عنه يحيى بن يحيى(13) في «العتبية» فيمن خلفهم المطر عن الجمعة، فليجمعوا ظهرًا إن كان أمرًا غالبًا يُعذرون به كالمرض(14)، وإن كان مطرٌ ليس بمانع فجمعوا فليعيدوا، وقال أصبغ: إن جمع المتخلِّفون بغير عذر أساءوا ولا يعيدون.
          ولابن القاسم في «المجموعة» مثلُه، وفيها(15) لأشهب، وابن نافع أنَّ المتخلفين يصلون الجمعة جماعة، وهو قول الليث والشافعيِّ، وقال(16) الليث: في مسجد أو غيرِه، ذكرَه الطحاوي(17)، ولا فرق بين الجمعة وغيرها في قياس ولا نظر إذا فاتت في جواز جمعها بدليلِ هذا الحديث.


[1] قوله: ((بن الخطاب)) ليس في (م) و(ق).
[2] قوله: ((أن)) ليس في (م) و(ق).
[3] في (م) و(ق): ((فقال)).
[4] قوله: ((والله)) ليس في (م).
[5] قوله: ((قال بعض أهل العلم)) ليس في (م)و(ق).
[6] في (م) و(ص): ((الجماعة)).
[7] زاد في (ق): ((صلاة)).
[8] في (م): ((لهم)).
[9] في (ص): ((المحبوسون)).
[10] في (م) و(ق): ((إلا المرضى والمسافرون والمسجونون)).
[11] في (ق)و(م) و(ص): ((محبوسين)).
[12] في (م)و(ق): ((المجموعة لابن)).
[13] قوله: ((بن يحيى)) ليس في (م)و(ق).
[14] في (م): ((كالمرضى)).
[15] في (م) و(ق): ((وفي المجموعة)).
[16] في (م) و(ق): ((قال)) بلا واو.
[17] زاد في (ق): ((وغيره)).