شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: {منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين}

          ░2▒ بَابُ قَوْلُهُ تعالى: {مُنِيبِيْنَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ المُشْرِكِينَ}[الرُّوم:31].
          فيهِ: ابنُ عَبَّاسٍ قَالَ: (قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ القَيْسِ(1) على رَسُولِ اللهِ صلعم فَقَالُوا: إِنَّا هَذَا الحَيِّ مِنْ رَبِيعَةَ، وَلَسْنَا نَصِلُ إِلَيْكَ إِلَّا فِي الشَّهْرِ الحَرَامِ، فَمُرْنَا بِشَيْءٍ، نَأْخُذْهُ عَنْكَ، وَنَدْعُو إِلَيْهِ مَنْ وَرَاءَنَا، فَقَالَ: آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: الإيمَانِ بِاللهِ، ثمَّ(2) فَسَّرَهَا لَهُمْ، شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامُ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَأَنْ تُؤَدُّوا إِلَيَّ خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ، وَأَنْهَى(3) عَنِ: الدُّبَّاءِ، وَالحَنْتَمِ، وَالنَّقِيرِ، وَالمُقَيَّرِ(4)). [خ¦523]
          قالَ المُؤَلِّفُ: قَرَنَ اللهُ ╡ التُّقَى ونفي الإشراك به عزَّ وجهه(5) بإقامة الصَّلاة، فهي أعظم دعائم الإسلام بعد التَّوحيد، وأقرب الوسائل إلى الله تعالى(6)، ومفهوم هذه الآية يدلُّ أنَّه مَن لم يُقم الصَّلاة فهو مشرك، ولذلك قال عُمَرُ ☺: ولا(7) حظَّ في الإسلام لمن ترك الصَّلاة(8)، وسيأتي حُكْمُ ترك(9) الصَّلاة واختلاف / العلماء في ذلك في كتاب المرتدين(10) [خ¦6924] [خ¦6925]،(11) في كتاب الإيمان [خ¦53] معنى أمرِه صلعم وفد عبد القَيْسِ بما أمرهم به ونهيه لهم عن الأشربة والظُّرُوف، وذلك أنَّه ◙ كان يُعَلِّمُ كلَّ قومٍ بما(12) بهم الحَاجة إليه، وما الخوف عليهم من قبلِه أشدُّ، وكان وفد عبدِ القَيْسِ يُخَافُ منهم الغُلُول في الفيء، وكانوا يُكْثِرُونَ الانتباذَ في هذه الأوعية، فعَرَّفَهُم ما بهم الحاجة إليه، وما يُخْشَى منهم مواقعتُه، وتركَ غير ذلك ممَّا قد شُهِرَ(13) وفَشَا عندهم.


[1] في (ص): ((قيس)).
[2] قوله: ((ثمَّ)) ليس في (م).
[3] في (م): ((وأنهاكم)).
[4] في (م): ((والمزفت)).
[5] في (م): ((قرن الله تعالى في هذه الآية النَّفي ونفي الإشراك به ╡)).
[6] في (م): ((الوسائل إليه تعالى)).
[7] في (م): ((لا)).
[8] قوله: ((لمن ترك الصلاة)) ليس في (ص).
[9] في (م): ((تارك)).
[10] زاد في (م): ((إن شاء الله)).
[11] زاد في المطبوع و(م) و(ص): ((وقد تقدَّم)).
[12] في المطبوع و(م) و(ص): ((ما)).
[13] في المطبوع و(ص): ((كثر)).