شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب ما يكره من النوم قبل العشاء

          ░23▒ باب: مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّوْمِ قَبْلَ الْعِشَاءِ.
          فيه: أَبو بَرْزَةَ (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم كَانَ يَكْرَهُ(1) النَّوْمَ قَبْلَ الْعِشَاءِ، وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا). [خ¦568]
          قال المُهَلَّب: إنَّما كره النوم قبل العشاء لئلَّا يستغرق في النوم، فيفوتَه وقتها المستحبُّ، وربَّما فاتَه وقتها كلُّه، فمنع من ذلك قطعًا للذريعة. واختلف السَّلف في النوم قبلها، فكان ابن عمر يكاد يَسُبُّ الذي ينام قبل العشاء(2). وقال أنس:(3) كنا نجتنب الفرش قبل صلاة العشاء(4)، وكتب عمر ألَّا ينام قبل أن يصليها، فمن نام فلا نامت عينُه. وكرِه ذلك(5): أبو هريرة وابن عباس، وعن عطاء وطاوس وإبراهيم ومجاهد مثلُه، وهو قول مالك والكوفيين. ورخَّصت فيه طائفة، رُوي عن عليِّ بن أبي طالب أنَّه كان ربَّما غفا قبل العشاء، وكان ابن عمر ينام ويوكل من يوقظُه، وعن أبي موسى وعبيدة مثلُه، وعن عروة وابن سيرين والحَكم(6) أنهم كانوا ينامون نومة قبل الصلاة، وكان أصحاب عبد الله يفعلون ذلك، وقال به بعض الكوفيين واحتجَّ لهم الطحاوي وقال: إنَّما كُرِه النوم قبلها لمن خُشي عليه فوت وقتها، أو فوت الجماعة فيها، وأمَّا من وكَّل لنفسِه من يوقظُه لوقتها فمباحٌ له النوم، واحتجَّوا بفعل ابن عمر وأبي موسى وعبيدة(7)، فدلَّ أنَّ النهي عن النوم قبلها ليس هو(8) نهي(9) تحريم لفعل(10) الصحابة له(11)، لكن الأخذ بظاهر الحديث أنجى وأحوط. وقال(12) الطحاويُّ: قال الليث: قول عُمَر بن الخطاب(13)☺ فيمن رقد بعد المغرب: فلا أرقدَ الله عينَه(14)، أنَّ ذلك بعد ثلث الليل الأول(15)، وقال(16) الطحاويُّ: تُحمل(17) الكراهة على أنَّها بعد دخول وقت العشاء، والإباحة قبل دخول وقتها، وسيأتي بيان السمر المنهيِّ عنه بعد العشاء، والسمر المباح بعد هذا(18) في موضعِه(19)، إن شاء الله تعالى.


[1] في (م) و(ق): ((كان النبي صلعم يكره)).
[2] في (م): ((ينام قبلها)).
[3] قوله: ((أنس)) ليس في (م).
[4] في (م): ((كنا نجتنب الفرش قبلها)).
[5] في (م) و(ق): ((وكرهه)).
[6] قوله: ((والحكم)) ليس في (م).
[7] في (م): ((وغيره)).
[8] قوله: ((هو)) ليس في (ص).
[9] في (م) و(ق): ((ليس بنهي)).
[10] في (م): ((بفعل)).
[11] قوله: ((له)) ليس في (ص).
[12] في (م): ((قال)).
[13] قوله: ((بن لخطاب)) ليس في (م).
[14] في (م)و(ق): ((فلا نامت عينه)).
[15] قوله: ((الأول)) ليس في (م).
[16] في (ق): ((قال)) بلا واو.
[17] في (م): ((وتحمل)).
[18] في (ص): ((بعدها)).
[19] قوله: ((في موضعه)) ليس في (م).