شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب فضل صلاة الفجر

          ░26▒ باب: فَضْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ.
          فيه: جَرِيرُ: (أن النبي صلعم قَالَ إِذْ نَظَرَ إلى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَقَالَ(1): أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا، لا تُضَامُّونَ، أَوْ قال: لا تُضَاهُونَ فِي رُؤْيَتِهِ(2)، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَلا تُغْلَبُوا على صَلاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا، فَافْعَلُوا، ثُمَّ قَالَ(3): {فسَبِّحْ(4) بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا}[طه:130]). [خ¦573]
          وفيه: أَبو مُوسَى: (قَال النَّبيُّ صلعم: مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ، دَخَلَ الْجَنَّةَ). [خ¦574]
          في(5) حديث جرير فضل المبادرةِ والمحافظةِ على صلاة الصبح والعصر، وأنَّ بذلك ينال(6) رؤية الله ╡، يوم القيامة، وإنَّما خُصتا بالذكر والتأكيد لفضلهما باجتماع ملائكة الليل، وملائكة النهار فيها، وهو معنى قولِه تعالى: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}[الإسراء:78]. وأمَّا قولُه صلعم: (مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ، دَخَلَ الْجَنَّةَ)، فإنَّ أبا عبيدة(7) قال: المراد بذلك الصبح والعصر، والعرب(8) تقول للغداة والعشي: بردا(9) النهار وأبردَاه(10)، قال الخطابيُّ: وإنَّما قيل لهما: بردان وأبردان(11) لطيب الهواء وبردِهِ في هذين الوقتين، وأنشد ثعلب:
فلا الظل من برد الضحى تستطيعـه                     ولا الفيء مـن بـرد العشـي تذوقُ
          قال: وأمَّا قولُه: ((إذا اشتدَّ الحرُّ، فأبردوا عن الصلاة))، فليس هذا من بردي النهار لأنَّه لا يجوز تأخير الظهر إلى ذلك الوقت، وإنَّما الإبراد انكسار وهج الشمس بعد الزوال، وسُمِّي ذلك إبرادًا لأنَّه بالإضافة إلى حَرِّ الهاجرة بردٌ، وقد رُوي مثل هذا التفسير عن محمد بن كعب القرظيِّ.


[1] قوله: ((فقال)) ليس في (م) و(ق).
[2] قوله: ((كَمَا تَرَوْنَ هَذَا، لا تُضَامُّونَ، أَوْ قال: لا تُضَاهُونَ فِي رُؤْيَتِهِ)) ليس في (م) و(ق).
[3] في (م)و(ق): ((قرأ)).
[4] في (م): ((وسبِّح)).
[5] في (ق): ((وفي)).
[6] في (ق): ((تنال)).
[7] في (م): ((عبيد)).
[8] في (ق): ((والمغرب)).
[9] في (م): ((برداه))، و في (ق): ((برد)).
[10] في (م): ((وأبراده)).
[11] في (م) و(ق): ((لهما: أبردان وبردان)).