شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من لم يكره الصلاة إلا بعد العصر والفجر

          ░32▒ باب: مَنْ لَمْ يَكْرَهِ الصَّلاةَ إِلا(1) بَعْدَ الْعَصْرِ وَالْفَجْرِ.
          فيه: ابْن عُمَرَ قَالَ: (أُصَلِّي كَمَا رَأَيْتُ أَصْحَابِي يُصَلُّونَ، لا أَنْهَى أَحَدًا يُصَلِّي بِلَيْلٍ أو نَهَارٍ مَا شَاءَ، غَيْرَ أَلا تَحَرَّوْا طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلا غُرُوبَهَا). [خ¦589]
          وقد تقدَّم(2) الكلام في هذا الحديث في الباب الذي(3) قبل هذا، ونذكر هاهنا(4) ما لم يمضِ هناك، وغرض البخاريِّ في هذا الباب ردُّ قول من منع الصلاة نصف النهار عند استواء الشمس؛ لأنَّ قولَه: ((لا أمنع أحدًا يصلي بليل أو نهار ما شاء، غير ألَّا تحروا طلوع الشمس ولا غروبها))، يدلُّ أنَّه لا بأس بالصلاة عند استواء الشمس، وهذا(5) قول مالك والليث والأوزاعيِّ. قال مالك: ما أدركت أهل الفضل والعبادة إلَّا وهم يهجِّرون(6) ويصلون نصف النهار، وعن الحسن وطاوس مثلُه. والذين منعوا الصلاة نصف النهار: عُمَر بن الخطاب وابن مسعود والحكم. وقال الكوفيون: لا يُصلِّي نصف النهار لا(7) فرض ولا نفل، وقال أبو يوسف والشافعيُّ: لا بأس بالتطوع نصف النهار يوم الجمعة خاصَّة، ورَوَوْا في ذلك حديثًا: أنَّ جهنم تسْجر إلا يوم الجمعة(8). قال الطحاويُّ: وقد روي في حديث الصُّنابِحي وغيرِه النهي عن الصلاة عند استواء الشمس بقولِه صلعم: ((فإذا استوت قارنها))،(9) أحاديث لا تصحُّ لأنَّ الصحابة كانوا يتنفلون يوم الجمعة في المسجد حتَّى يخرج عُمَر بن الخطاب، وكان(10) لا يخرج حتَّى تزول الشمس بدليل طنفسة عقيل، فكانت صلاتهم قبل خروج عمر في حين استواء الشمس إذ كان خروجُه عند الزوال، ولا يجوز على جماعة الصحابة جهل السنَّة، لو صحَّت تلك الأحاديث. وذكر ابن أبي شيبة قال: كان مسروق يصلِّي نصف النهار، فقيل له: إنَّ الصلاة هذه الساعة تُكرَه، فقال(11): ولم؟ قيل له: إنَّ(12) أبواب جهنم تُفتح نصف النهار، قال(13): إنَّ الصلاة أحقُّ ما استعيذ به من جهنم حين(14) تفتح أبوابها، وأجاز مكحول الصلاة نصف النهار للمسافر(15). /


[1] قوله: ((إلا)) ليس في (م).
[2] زاد في (م) و(ق): ((شيء من)).
[3] قوله: ((الذي)) ليس في (ق).
[4] في (ق): ((ونذكر هنا)).
[5] في (م): ((وهو)).
[6] في (م): ((يسجدون))، و في (ق): ((يتهجرون)).
[7] قوله: ((لا)) ليس في (م)و(ق).
[8] في (ص): ((أن جهنم لا تسجر يوم الجمعة)).
[9] زاد في (م) و(ق): ((وهي)), في (ص): ((فإنها)).
[10] زاد في (م): ((عمر بن الخطاب)) وزاد في (ق): ((عمر)).
[11] في (ص): ((قال)).
[12] في (م): ((ولم؟ قيل: لأن)).
[13] في (ق): ((فقال)).
[14] في (ق): ((حتى)).
[15] في (م): ((للمسافرة)).