شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب فضل الصلاة لوقتها

          ░5▒ بَابُ: فَضْلِ الصَّلاةِ لِوَقْتِهَا.
          فيهِ: عَبْدُ اللهِ قَالَ: (سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلعم أَيُّ الأعَمَالِ(1) أَحَبُّ إلى اللهِ؟ قَالَ: الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا، قَالَ: ثمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: ثمَّ(2) بِرُّ الوَالِدَيْنِ، قَالَ: ثمَّ أَيٌّ؟، قَالَ: الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِنَّ(3)، وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي). [خ¦527]
          وفيهِ: أَبُو هُرَيْرَةَ: (قَالَ النَّبيُّ(4) صلعم:(5) أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا، مَا تَقُولُ ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ(6)؟ قَالُوا: لا يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا(7)، قَالَ: فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللهُ بِهَا الخَطَايَا(8)). [خ¦528]
          وفيهِ: أَنَسٌ: أَنَّهُ بَكَى فَقَالَ(9) ابنُ شِهَابٍ: مَا يُبْكِيْكَ؟ فَقَالَ: لَا أَعْرِفُ شَيْئًا ممَّا أَدْرَكْتُ إلَّا هَذِه الصَّلَاةَ، وهَذِهِ الصَّلاةُ قَدْ ضُيِّعَتْ. قالَ المُؤَلِّفُ: في حديث عبدِ اللهِ أنَّ الصَّلاةَ لوقتها أحبُّ إلى اللهِ من كلِّ عملٍ، وذلك يدلُّ أنَّ تركها أبغض الأعمال إلى الله بعد الشِّرك. وفيه: أنَّ أعمال البرِّ يفضلُ بعضها بعضًا عند الله ╡. وفيه: فضلُ(10) برِّ الوالدين، ألا ترى أنَّه(11) صلعم، قَرَنَ ذلكَ بالصَّلاةِ، كما قَرَنَ اللهُ تعالى شكرهما بشكرِهِ، فقال(12): {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ}[لقمان:14]. وفيه: أنَّ البدار إلى الصَّلاة في أوائل(13) أوقاتها، أفضل مِن التَّراخي فيها؛ لأنَّه إنمَّا شرط فيها أن تكون أحبَّ الأعمال إلى الله(14) إذا أُقِيْمَتْ لوقتها المستحبِّ الفاضل، وفي حديث أبي هريرةَ(15) بيان أنَّ صغائر الذُّنُوب تُكَفَّرُ بمحافظتِهِ(16) على الصَّلوات؛ لأنَّه شبَّه الصَّغائر بالدَّرَنِ، والدَّرَنِ ما(17) لم يبلغ مبلغ الجِرَاح. قال المُهَلَّبُ: وقول أَنَسٍ في الصَّلاة: أليس قد ضُيِّعَتْ، وفي حديث آخر: ((أَلَيْسَ قَدْ ضَيَّعْتُمْ فِيْهَا))، يعني تأخيرها(18) عَنِ الوقت المستحبِّ لا أنَّهم أخرجوها عن وقتها كلِّه. وقد قيل في قولِهِ تعالى(19): {أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا(20)}[مريم:59]، قال: والله ما ضيَّعُوها بأن تركوها ولو تركوها كانوا كُفَّارًا، ولكنَّهم أخَّرُوها(21) عن أوقاتها. [خ¦530]


[1] في (م): ((العمل)).
[2] قوله: ((ثمَّ)) ليس في (م) و(ص).
[3] قوله: ((قال حدَّثني بهن)) ليس في (م).
[4] في (ص): ((الرسول)).
[5] زاد في (م): ((لو)).
[6] زاد في (م): ((شيئًا)).
[7] قوله: ((يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا)) ليس في (م).
[8] قوله: ((يَمْحُو اللهُ بِهَا الخَطَايَا)) ليس في (م).
[9] زاد في (م) و(ص): ((له)).
[10] قوله: ((فضل)) ليس في (م).
[11] في (م): ((الوالدين لأنَّ النَّبيَّ)).
[12] زاد في (م): ((تعالى)).
[13] في المطبوع و(ص): ((أوَّل)).
[14] زاد في (م): ((╡)).
[15] في (م): ((الفاضل المستحبّ وفي حديث آخر أليس قد ضيَّعتم فيها يعني أبي هريرة)).
[16] في (م): ((يكفِّرها المحافظة)). في المطبوع و(ص): ((يغفرها بمحافظته)).
[17] قوله: ((لم)) ليس في (م).
[18] في (م): ((تأخرها)).
[19] في (م): ((وقد قيل في تأويل قوله ╡: فخلف من بعدهم خلف)).
[20] قوله: ((وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا)) ليس في (م).
[21] في (م): ((أخرجوها)).