شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب إغلاق الأبواب بالليل

          ░50▒ بَابُ إِغْلاَقِ الأَبْوَابِ بِاللَّيْلِ(1).
          فيه جَابِرٌ: قَالَ النَّبِيُّ صلعم: (أَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ بِاللَّيْلِ إِذَا رَقَدْتُمْ، وَغَلِّقُوا الأبْوَابَ، وَأَوْكُوا الأسْقِيَةَ، وَخَمِّرُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ، قَالَ هَمَّامٌ: وَلَوْ بِعُودٍ). [خ¦6296]
          قال المؤلِّف: أمره صلعم بإغلاق الأبواب بالليل خشية انتشار الشياطين وتسليطهم على ترويع المؤمنين وأذاهم، وقد جاء في حديثٍ آخر أنَّه صلعم قال: ((إذا جنح الليل فاحبسوا أولادكم، فإنَّ الله يبثُّ من خلقه بالليل ما لا يبث بالنهار، وإنَّ للشياطين انتشارًا وخطفةً))، وقد قال عقيلٌ: يتوقَّى على المرأة أن تتوضَّأ عند ذلك، فعلَّم أمَّته صلعم ما فيه المصلحة لهم في نومهم ويقظتهم.
          وأمر بتخمير الإناء، وقد تقدَّم في كتاب الأشربة في باب تغطية الإناء معنى أمره صلعم بتغطيته من حديث القَعقاَع بن حكيمٍ(2). [خ¦5623]
          وروى مالكٌ في حديث جابرٍ: ((فإنَّ الشيطان لا يفتح غلقًا، ولا يحلُّ وكاءً، ولا يكشف إناءً))، فأخبر صلعم أنَّ الشيطان لم يُعطَ قوةً على فتح بابٍ ولا حلِّ وكاءٍ ولا كشف إناءٍ(3)، وإن كان قد أعطي ما هو أكثر منها من الولوج حيث لا يلج الإنسان، والوكاء: الخيط الذي يربط به فم السقاء.
          وقوله: خمِّروا الإناء: أي غطُّوه، والتخمير: التغطية، ولذلك قيل للخمر خمرٌ؛ لأنَّها تغطِّي العقل، وأصل ذلك من الخُمر، وهو كلُّ ما واراك من شجرٍ أو حجرٍ.


[1] قوله: ((بالليل)) ليس في (ت) و (ص).
[2] قوله: ((في باب تغطية الإناء معنى.... القعقاع بن حكيم)) ليس في (ت) و (ص).
[3] قوله: ((فأخبر صلعم أن.... ولا كشف إناء)) ليس في (ت) و (ص).