شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب القائلة في المسجد

          ░40▒ بَابُ القَائِلَةِ فِي المَسْجِدِ
          فيه سَهْلٌ قَالَ: (مَا كَانَ لِعَلِيٍّ ☺ اسْمٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أبي تُرَابٍ، وَإِنْ كَانَ لَيَفْرَحُ إِذَا دُعِيَ بِهَا، جَاءَ رَسُولُ اللهِ صلعم بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا في الْبَيْتِ، فَقَالَ: أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ؟ قَالَتْ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ فَغَاضَبَنِي، فَخَرَجَ فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم لإنْسَانٍ: انْظُرْ أَيْنَ هُوَ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هُوَ في الْمَسْجِدِ رَاقِدٌ، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صلعم وَهُوَ مُضْطَجِعٌ قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ فَأَصَابَهُ تُرَابٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلعم يَمْسَحُهُ عَنْهُ ويَقُولُ: قُمْ أَبَا تُرَابٍ...) الحديث. [خ¦6280]
          قال المهلَّب: فيه جواز النوم بالنهار والليل في المسجد من غير ضرورةٍ إلى ذلك، وقد تقدَّم من أجاز ذلك ومن كرهه، في كتاب الصلاة، في باب نوم الرجل في المسجد. [خ¦441]
          وفيه: ممازحة الصهر وتكنيته بغير كنيته، وبشيءٍ عرض له، كما كنى أبا هريرة بهرةٍ، كذلك كنى ◙ عليَّا بالتراب الذي احتبس إليه.
          وفيه: جواز الممازحة لأهل الفضل، وكان النبيُّ صلعم يمزح ولا يقول إلَّا حقًّا.
          وفيه: الرفق بالأصهار وإلطافهم، وترك معاتبتهم على ما يكون منهم لأهلهم؛ لأنَّ النبيَّ صلعم لم يعاتب عليًّا على مغاضبته لأهله؛ بل قال له: (قُمْ)، وعرَّض له بالانصراف إلى أهله.