شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: بمن يبدأ في الكتاب؟

          ░25▒ بَابٌ: بِمَنْ يُبْدَأُ فِي الكِتَابِ
          فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ عَن النَّبِيِّ صلعم: (أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ نَقَرَ خَشَبَةً فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَار، وَصَحِيفَةً مِنْهُ إلى صَاحِبِهِ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ: مِنْ فُلانٍ إلى فُلانٍ). [خ¦6261]
          قال المهلَّب: السنَّة أن يبدأ صاحب الكتاب بذكر نفسه، فكذلك هي في جميع الأشياء، ألا ترى أنَّه قد جاء في الحديث: ((صاحب الدابَّة أولى بمقدَّمها)).
          وروى معمرٌ، عن أيُّوب قال: قرأت كتابًا: من العلاء بن الحضرميِّ إلى محمَّدٍ رسول الله.
          وقال الشعبيُّ: كتب أبو عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبلٍ: من أبي عبيدة ومعاذٍ لعبد الله عمر أمير المؤمنين.
          وقال نافعٌ: كان عمَّال عمر إذا كتبوا إليه بدؤوا بأنفسهم.
          وقال معمرٌ عن أيُّوب، عن نافعٍ: كان ابن عمر يأمر غلمانه إذا كتبوا إليه أن يبدؤوا بأنفسهم، وإلَّا لم يردَّ إليهم جوابًا.
          وأجاز قومٌ أن يبدأ باسم غيره قبله، قال معمرٌ: وكان أيُّوب ربَّما بدأ باسم الرجل قبله إذا كتب إليه.
          وروى أشهب أنَّه(1) سئل مالكٌ عن الذي يبدأ في الكتاب بأصغر منه، ولعلَّه ليس بأفضل منه، قال: لا بأس بذلك، أرأيت لو أوسع له في المجلس إذا جاء إعظامًا له؟ وقال: إنَّ أهل العراق يقولون: لا تبدأ بأحدٍ قبلك، وإن كان أباك أو أكبر منك، يعيب ذلك من قولهم.


[1] قوله: ((أنه)) ليس في (ص).