شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: لا تترك النار في البيت عند النوم

          ░49▒ بَابٌ: لاَ تُتْرَكُ النَّارُ فِي البَيْتِ عِنْدَ النَّوْمِ
          فيه ابْنُ عُمَرَ قَالَ النَّبِيُّ صلعم: (لا تَتْرُكُوا النَّارَ في بُيُوتِكُمْ حِينَ تَنَامُونَ). [خ¦6293]
          وفيه أَبُو مُوسَى: (احْتَرَقَ بَيْتٌ بِالْمَدِينَةِ على أَهْلِهِ مِنَ اللَّيْلِ، فَحُدِّثَ بِشَأْنِهِمُ النَّبِيُّ صلعم، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ النَّارَ إِنَّمَا هِيَ عَدُوٌّ لَكُمْ، فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ). [خ¦6294]
          وفيه جَابِرٌ: قَالَ النَّبِيُّ صلعم: (خَمِّرُوا الآنِيَةَ، وَأَجِيفُوا الأبْوَابَ، وَأَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ، فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ رُبَّمَا جَرَّتِ الْفَتِيلَةَ فَأَحْرَقَتْ أَهْلَ الْبَيْتِ). [خ¦6295]
          قال الطبريُّ: في هذه الأحاديث(1) الإبانة عن أنَّ من الحقِّ على من أراد(2) المبيت في بيتٍ ليس فيه غيره، وفيه نارٌ أو مصباحٌ ألَّا يبيت حتَّى يطفئه أو يحرزه بما يأمن به إحراقه وضرَّه، وكذلك إن كان فيه(3) جماعةٌ، فالحقُّ عليهم إذا أرادوا النوم ألَّا ينام آخرهم حتَّى يفعل به(4) ما ذكرت؛ لأمر النبيِّ صلعم بذلك، فإن فرَّط في ذلك مفرِّطٌ فلحقه ضرٌّ(5) في نفسٍ أو مالٍ كان لوصيَّة النبيِّ صلعم لأمَّته مخالفًا، ولأدبه تاركًا.
          وقد روى عِكْرِمَة عن ابن عبَّاسٍ قال: جاءت فأرةٌ فجرَّت الفتيلة فألقتها بين يدي النبيِّ صلعم على الخمرة التي كان قاعدًا عليها، فأحرقت منها مثل موضع الدرهم.
          وإنَّما سمَّى الفأرة فويسقةً؛ لأذاها وفسادها كما يفسد الفاسق، كما(6) قال صلعم: ((خمسٌ فواسق يُقتَلن في الحلِّ والحرم...)) فذكر منهنَّ الفأرة، يريد أنهنَّ يعملن عمل الفاسق.


[1] في (ص): ((في هذا الحديث)).
[2] في (ت): ((عن أن من الحق على أن)). وفي (ص): ((على أن من الحق أن من أراد)).
[3] في (ت) و (ص): ((في البيت)).
[4] قوله: ((به)) ليس في (ت) و (ص).
[5] في (ص): ((ضرر)).
[6] قوله: ((كما)) ليس في (ص).