عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب صوم يوم الجمعة
  
              

          ░63▒ (ص) بَابُ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وإِذَا أَصْبَحَ صَائِمًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ فَعَلَيْهِ أَنْ يُفْطِرَ؛ يَعْنِي: إِذَا لم يَصُمْ قَبْلَهُ، وَلَا يُرِيدُ أَنْ يَصُومَ بَعْدَهُ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان حكمِ صومِ يوم الجمعة، وحكمُه أنَّهُ إذا أصبحَ صائمًا يومَ الجمعة؛ فإن كان صامَ قبلَه، ويريدُ أن يصومَ بعدَه؛ فليصُمه، وإن كان لم يصم قبلَه، ولا يريد أن يصوم بعدَه؛ فليفطر، لورودِ النهي عن صومِ يومِ الجمعة [وحدَه، على ما يجيء عن قريب إن شاء الله تعالى، ووقع في كثيرٍ مِنَ الروايات: <باب صوم يوم الجمعة]، وإذا أصبحَ صائمًا يوم الجمعة؛ فعليه أن يصوم> هكذا وقعَ لا غير، ووقع في رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت زيادةٌ؛ وهي قوله: <يَعْنِي: [إِذَا لم يَصُمْ قَبْلَهُ، وَلَا يُرِيدُ أَنْ يَصُومَ بَعْدَهُ> وقال بعضُهم: وهذه الزيادةُ تشبه] أن تكونَ مِنَ الفِرَبْرِيِّ، أو مَن دُونه، فَإِنَّها لم تقع في رواية النَّسَفِيِّ عنِ البُخَاريِّ، ويبعد أن يعبِّرَ البُخَاريُّ عمَّا يقوله بلفظ: «يعني» ولو كانَ ذلك مِن كلامِه؛ لقال: أعني، بل كانَ يستغني عنها أصلًا.
          قُلْت: عدمُ وقوع هذه الزيادةِ في رواية النَّسَفِيِّ عنِ البُخَاريِّ لا يستلزم عدمَ وقوعها من غيره، سواء كانَ مِنَ الفِرَبْرِيِّ أو غيرِه، والظاهر أنَّها مِنَ البُخَاريِّ.
          وقوله: (يَعنِي) في محلِّه، وليس ببعيدٍ؛ لأنَّه يوضِّحُ المرادَ مِن قوله: (وَإِذَا أَصْبَحَ صَائِمًا يَوْمَ الْجُمْعَةِ؛ فَعَلَيْهِ أَنْ يُفْطِرَ) فأوضح بقوله: (يعني) أنَّ هذا ليس على إطلاقه، وإِنَّما عليه الإفطارُ إذا لم يصُمْ قبلَه، ولا يريدُ الصومَ بعدَه، فقوله: (وَإِذَا أَصْبَحَ....) إلى آخره إذا كان مِن كلام غيرِه؛ فلفظ (يعني) في محلِّه، وإذا كان مِن كلامه؛ فكأنَّه جعل هذا لغيره بطريقِ التجريد، ثُمَّ أوضحه بقوله: (يعني) فافهم، فَإِنَّهُ دقيقٌ.