-
خطبة الشارح
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
كتاب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
كتاب مواقيت الصلاة
-
كتاب الأذان
-
أبواب صفة الصلاة
-
كتاب الجمعة
-
أبواب صلاة الخوف
-
كتاب العيدين
-
كتاب الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
كتاب الكسوف
-
أبواب سجود القرآن
-
أبواب تقصير الصلاة
-
أبواب التهجد
-
أبواب التطوع
-
كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
أبواب العمل في الصلاة
-
أبواب السهو
-
كتاب الجنائز
-
كتاب الزكاة
-
أبواب صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
أبواب المحصر
-
باب جزاء الصيد
-
باب فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
باب وجوب صوم رمضان
-
باب فضل الصوم
-
باب الصوم كفارة
-
باب الريان للصائمين
-
باب: هل يقال رمضان أو شهر رمضان؟ومن رأى كله واسعا
-
باب من صام رمضان إيمانا واحتسابا ونية
-
باب: أجود ما كان النبي يكون في رمضان
-
باب من لم يدع قول الزور والعمل به في الصوم
-
باب: هل يقول: إني صائم إذا شتم
-
باب الصوم لمن خاف على نفسه العزوبة
-
باب قول النبي: إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا
-
باب: شهرا عيد لا ينقصان
-
باب قول النبي: لا نكتب ولا نحسب
-
باب لا يتقدمن رمضان بصوم يوم ولا يومين
-
باب قول الله ╡ : {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم}
-
باب قول الله:{وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض}
-
باب قول النبي: لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال
-
باب تأخير السحور
-
باب قدر كم بين السحور وصلاة الفجر؟
-
باب بركة السحور من غير إيجاب
-
باب: إذا نوى بالنهار صوما
-
باب الصائم يصبح جنبا
-
باب المباشرة للصائم
-
باب القبلة للصائم
-
باب اغتسال الصائم
-
باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيا
-
باب سواك الرطب واليابس للصائم
-
باب قول النبي: إذا توضأ فليستنشق بمنخره الماء
-
باب: إذا جامع في رمضان
-
باب: إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء فتصدق عليه فليكفر
-
باب المجامع في رمضان هل يطعم أهله من الكفارة إذا كانوا محاويج؟
-
باب الحجامة والقيء للصائم
-
باب الصوم في السفر والإفطار
-
باب: إذا صام أياما من رمضان ثم سافر
-
باب قول النبي لمن ظلل عليه واشتد الحر
-
باب: لم يعب أصحاب النبي بعضهم بعضا في الصوم والإفطار
-
باب من أفطر في السفر ليراه الناس
-
باب: {وعلى الذين يطيقونه فدية}
-
باب: متى يقضى قضاء رمضان؟
-
باب: الحائض تترك الصوم والصلاة
-
باب من مات وعليه صوم
-
باب: متى يحل فطر الصائم؟
-
باب: يفطر بما تيسر عليه بالماء وغيره
-
باب تعجيل الإفطار
-
باب: إذا أفطر في رمضان ثم طلعت الشمس
-
باب صوم الصبيان
-
باب الوصال
-
باب التنكيل لمن أكثر الوصال
-
باب الوصال إلى السحر
-
باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع ولم ير عليه
-
باب صوم شعبان
-
باب ما يذكر من صوم النبي وإفطاره
-
باب حق الضيف في الصوم
-
باب حق الجسم في الصوم
-
باب صوم الدهر
-
باب حق الأهل في الصوم
-
باب صوم يوم وإفطار يوم
-
باب صوم داود ◙
-
باب صيام أيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة
-
باب من زار قوما فلم يفطر عندهم
-
باب الصوم آخر الشهر
-
باب صوم يوم الجمعة
-
باب: هل يخص شيئا من الأيام
-
باب صوم يوم عرفة.
-
باب صوم يوم الفطر
-
باب الصوم يوم النحر
-
باب صيام أيام التشريق
-
باب صيام يوم عاشوراء
-
باب وجوب صوم رمضان
-
كتاب صلاة التراويح
-
كتاب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارة
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
كتاب المساقاة
-
كتاب الاستقراض
-
كتاب الخصومات
-
كتاب في اللقطة
-
كتاب المظالم
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب أحاديث الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
كتاب فضائل الصحابة
-
كتاب مناقب الأنصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الطلاق
-
كتاب العدة
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
كتاب المرضى
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
كتاب الرقاق
-
كتاب القدر
-
كتاب الأيمان والنذور
-
كتاب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░39▒ (ص) باب {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}[البقرة:184].
(ش) أي: هذا بابٌ في بيانِ حكم قوله تعالى: ({وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ}) أي: وعلى الذين يطيقون الصومَ الذين لا عذر بهم إن أفطروا: {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} نصف صاعٍ من بُرٍّ، أو صاعٍ مِن غيره عند أهل العراق، وعند أهل الحجاز مُدٌّ، وكان في بَدْء الإسلام فُرِضَ عليهم الصوم، فاشتدَّ عليهم، فَرُخِّص لهم في الإفطار والفدية، وقال معاذ: كان في ابتداء الأمر: مَن شاء صام، ومَن شاء أفطر وأطعم عن كلِّ يومٍ مسكينًا، حَتَّى نزلت الآية التي بعدها، فنسختها، وارتفاع {فِدْيَةٌ} على الابتداء، وخبره مقدمًا هو قوله: {وَعَلَى الَّذِينَ} وقراءة العامَّة {فِدْيَةٌ} بالتنوين، وقوله: {طَعَامُ مِسْكِينٍ} بيان: لـ{فِدْيَة} أو بدلٌ منها، وفي قراءة نافع: {طعام مساكين} بالجمع، وقالت طائفةٌ: بل هذا خاصٌّ بالشيخ والعجوز الكبيرين اللَّذين لم يطيقا الصوم، رخَّص لهما الإفطار ويفديان، و(الفدية) الجزاء والبدل، مِن قولك: فديت الشيء بالشيء؛ أي: هذا بهذا، وقال الزَّمَخْشَريُّ: وقرأ ابن عَبَّاس: {يطوقونه} (تَفْعِيل) مِن الطوق، إمَّا بمعنى الطاقة أو القلادة؛ أي: يكلَّفونه أو يقلَّدونه، [وعن ابن عَبَّاس: {يتطوقونه} يعني: يتكلَّفونه، أو يقلَّدونه]، و{يطوقونه} بإدغام التاء في الطاء، و{يطيقونه} و{يطيقونه} بمعنى يتطيَّقونه، وأصلهما: (يطيوقونه) و(يَتَطَيْوَقونه)، على أنَّهما مِن (فَيعَلَ) و(تَفَيْعَل) مِن الطوق، فأدغمت الياء في الواو بعد قلبها ياء، وهم الشيوخ والعجائز، فعلى هذا لا نسخ، بل هو ثابت، والله أعلم.
(ص) قال ابنُ عُمَرَ وسَلَمَة ابنُ الأكْوَعِ: نَسخَتْها: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[البقرة:185].
(ش) أي: قال عبد الله (ابْنُ عُمَرَ) ابن الخَطَّاب، و(سَلَمَةُ ابنُ الأكْوَعِ) وهو سلمة بن عَمْرو ابن الأكوع، أبو إياس، الأسلميُّ المَدَنِيُّ.
(نَسَخَتْهَا) أي: نسخت آيةُ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ}[البقرة:184] آيةَ ({شَهْرُ رَمَضَانَ})، أَمَّا حديث ابن عمر فوصله في آخر الباب / عن عَيَّاش؛ بتشديد الياء آخر الحروف والشين المُعْجَمة، وقد أخرجه عنه أيضًا في (التفسير)، وأَمَّا حديث سلمة فوصله في (تفسير البقرة) بلفظ: لمَّا نزلت: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} كان مَن أراد أن يفطر أفطر وافتدى، حَتَّى نزلت الآية التي بعدها، فنسختها.
وقد اختلف السلف في قوله ╡ : ({وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ}) فقال قوم: إِنَّها منسوخة، واستدلُّوا بحديث سلمة وابن عمر ومعاذ، وهو قول عَلْقَمَة والنخعيِّ والحسن والشعبيِّ وابن شهابٍ، وعلى هذا تكون قراءتهم: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} بِضَمِّ الياء وكسر الطاء وسكون الياء الثانية، وعند ابن عَبَّاس: هي محكمة، وعليه قراءته: {يطوقونه} بالواو المشدَّدة، ورُوِى عنه: {يطيقونه} بِضَمِّ الطاء والياء مشدَّدتين.
ثُمَّ إنَّ الشيخ الكبير والعجوز إذا كان الصوم يجهدهما ويشقُّ عليهما مشقَّةً شديدة؛ فلهما أن يفطرا ويطعما لكلِّ يومٍ مسكينًا، وهذا قول عليٍّ وابن عَبَّاس وأبي هُرَيْرَة وأنسٍ وسعيد بن جبير وطاووس وأبي حنيفة والثَّوْريِّ والأوزاعيِّ وأحْمَد ابن حَنْبَل، وقال مالكٌ: لا يجب عليه شيءٌ؛ لأنَّه لو ترك الصوم لعجزِه لم تجب فدية، كما لو تركه لمرضٍ اتَّصل به الموت، وهو مرويٌّ عن ربيعة وأبي ثورٍ وداود، واختاره الطَّحَاويُّ وابن المنذر، وللشافعيِّ قولان كالمذهبين؛ أحدهما: لا تجب الفدية عليهما لعدم وجوب الصوم عليهما، والثاني _وهو الجديد_: تجب الفدية لكلِّ يومٍ مدٌّ مِنَ طعامٍ، وقال البُوَيْطيُّ: هي مستحبَّة، ولو أحدث الله تعالى للشيخ الفاني قوَّةً حَتَّى قدر على الصَّوم بعد الفدية، يبطل حكم الفدية، وفي كتب أصحابنا: فإن أَخَّرَ القضاء [حَتَّى دخل رمضان آخر صام الثاني؛ لأنَّه في وقته، ويقضي الأَوَّل بعده؛ لأنَّه وقت القضاء] ولا فدية عليه، وقال سعيد بن جُبَير وقتادة: يطعم ولا يقضي.
وقضاء رمضان إن شاء فرَّقه وإن شاء تابعه، وإليه ذهب الشَّافِعِيُّ ومالكٌ، وفي«شرح المُهذَّب»: فلو قضاه غير مرتَّب أو مفرَّقًا جاز عندنا وعند الجمهور؛ لأنَّ اسم الصومِ يقع على الجميع، وفي«تفسير ابن أبي حاتم»: ورُوِيَ عن أبي عُبَيْدَةَ ابْن الجَرَّاحِ، ومعاذ بن جبل، وأبي هُرَيْرَة، ورافع بن خَدِيجٍ، وأنس بن مالك، وعمرو بن العاص، وعَبِيدَةَ السَّلْمَانيِّ، والقاسم، وعُبَيد بن عُمَيْر، وسعيد بن المُسَيَِّبِ، وأبي سَلَمَةَ ابن عبد الرَّحْمَن، وأبي جعفر، مُحَمَّد بن عليِّ بن الحُسين، وسالم، وعطاء، وأبي مَيْسَرة، وطاووس، ومجاهد، وعبد الرَّحْمَن بن الأسود، وسعيد بن جبير، والحسن، وأبي قِلَابَة، وإبراهيم النَّخَعِيِّ، والحَكَم، وعِكرمة، وعطاء بن يسار، وأبي الزناد، وزيد بن أسلم، وقتادة، وربيعة، ومكحول، والثَّوْريِّ، ومالكٍ، والأوزاعيِّ، والحسن بن صالح، والشَّافِعِيِّ، وأحمد، وإسحاق: أنَّهم قالوا: يقضي مفرَّقًا.
ورُوِيَ عن عليٍّ وابن عمر، وعروة، والشعبيِّ، ونافع بن جُبَير بن مُطعِم، ومُحَمَّد بن سِيرِين: أنَّهُ يقضي متتابعًا وإلى هذا ذهب أهل الظاهر، وقال ابن حزمٍ: المتابعة في قضاء رمضان واجبةٌ؛ لقوله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ}[آل عِمْرَان:133] فإن لم يفعل فليقضها متفرِّقة؛ لقوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[البقرة:184]، ولم يَحُدَّ لذلك وقتًا يَبطُل القضاءُ بخروجه، وفي«الاستذكار» عن مالكٍ عن نافعٍ عن ابن عمر أنَّهُ كان يقول: يصوم قضاء رمضان متتابعًا مَن أفطره مِن مرضٍ أو سفرٍ، وعنِ ابن شهابٍ أنَّ ابن عَبَّاس وأبا هُرَيْرَة اختلفا؛ فقال أحدهما: يفرِّق، وقال الآخر: لا يفرِّق، وعن يحيى بن سعيدٍ سمع ابن المُسَيَِّبِ يقول: أحبُّ إليَّ ألَّا يُفرِّق قضاء رمضان وإن تواتر، قال أبو عمر: صحَّ عندنا عن ابن عَبَّاس وأبي هُرَيْرَة أنَّهما أجازا أن يفرِّقا قضاء رمضان، وصحَّح الدَّارَقُطْنيُّ إسناد حديث عائشة، نزلت: {فعدة من أيام أخر متتابعاتٍ}، فسقطت {متتابعات}، وقال ابن قُدَامة: لم يثبت عندنا صحَّتُه، ولو صحَّ فقد سقطت اللفظة، وإن صحَّ حملناه على الاستحباب والأفضليَّة، وقيل: ولو عينت كانت منسوخةً لفظًا وحكمًا؛ ولهذا لم يقرأ بها أحدٌ مِن قُرَّاء الشواذِّ.
قُلْت: وفي«المنافع»: قرأ بها أُبيٍّ، ولم يُشتَهَر، فكانت كخبر واحدٍ / غير مشهور، فلا تجوز الزيادة على الكتاب بمثله، بخلاف قراءة ابن مسعودٍ في كفَّارة اليمين، فَإِنَّها مشهورة غير متواترة.
وقال عياض: اختلف السلف في قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} هل هي محكمةٌ أو مخصوصةٌ أو منسوخةٌ؟ كلُّها أو بعضها؟ فقال الجمهور: إِنَّها منسوخة، ثُمَّ اختلفوا: هل بقيَ منها ما لم يُنسخ؟ فرُوِيَ عن ابن عمر والجمهور: أنَّ حكم الإطعام باقٍ على مَن لم يُطق الصوم لكِبَره، وقال جماعة مِنَ السلف ومالكٌ وأبو ثور وداود: جميع الإطعام منسوخ، وليس على الكبير إذا لم يُطق الصومَ إطعامٌ، واستحبَّه له مالكٌ، وقال قتادة: كانت الرخصة لِمَن يقدر على الصوم ثُمَّ نُسخ فيه، وبقي فيمَن لا يُطيق، وقال ابن عَبَّاس وغيره: نزلت في الكبير والمريض اللَّذين لا يقدران على الصوم، فهي عنده محكمةٌ، لكنَّ المريض يقضي إذا بَرَأَ، وأكثرُ العلماء على أنَّهُ لا إطعام على المريض، وقال زيد بن أسلم والزُّهْريُّ ومالكٌ: هي محكمةٌ، ونزلت في المريض يُفطر ثُمَّ يبرأ، فلا يقضي حَتَّى يدخل رمضانُ آخر، فيلزمه صومه، ثُمَّ يقضي بعدما أفطر، ويُطعمُ عن كلِّ يومٍ مدًّا مِن حنطة، فأَمَّا مَن اتَّصل مرضُهُ برمضانَ آخرَ؛ فليس عليه إطعامٌ، بل عليه القضاء فقط، وقال الحسن وغيره: الضمير في {يطوقونه} عائدٌ على الإطعام لا على الصوم، ثُمَّ نسخ ذلك، فهي عنده عامَّة.
1948م# (ص) وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرَّةٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى: حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلعم : نَزَلَ رَمَضَانُ فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَكَانَ مَنْ أَطْعَمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا تَرَكَ الصَّوْمَ مِمَّنْ يُطِيقُهُ، فَرُخِّصَ لَهُمْ [فِي ذَلِكَ فَنَسَخَتْهَا: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ}[البقرة:184] فَأُمِرُوا بِالصَّوْمِ
(ش) مطابقته للترجمة: في قوله: (فَكَانَ مَنْ أَطْعَمَ) إلى قوله: (فَنَسَخَتْهَا) ].
و(ابْنُ نُمَيْرٍ) بِضَمِّ النون، اسمه عبد الله، مرَّ في (باب ما ينهى مِنَ الكلام في الصلاة)، و(الْأَعْمَشُ) هو سليمان، و(عَمْرُو بْنُ مُرَّةٍ) بِضَمِّ الميم وتشديد الراء، و(ابْنُ أَبِي لَيْلَى) هو عبد الرَّحْمَن، رأى كثيرًا مِنَ الصحابة، مثل عمر وعثمان وعليٍّ وغيرهم.
وهذا تعليقٌ وصله البَيْهَقيُّ مِن طريق أَبيْ نُعَيْم في«المستخرج»: قدِم النَّبِيُّ صلعم المدينةَ ولا عَهْدَ لهم بالصيام، فكانوا يصومون ثلاثةَ أيَّامٍ مِن كلِّ شهرٍ حَتَّى نزل رمضان، فاستكثروا ذلك وشَقَّ عليهم، فكان مَن أطعم مسكينًا كلَّ يومٍ ترك الصيام ممَّن يُطيقه، رُخِّص لهم في ذلك، ثُمَّ نسخه: {وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ} فأمروا بالصيام.
وهذا الحديث أخرجه أبو داود مِن طريق شعبة والمسعوديُّ عن الأَعْمَش مطوَّلًا في (الأذان) و(القِبْلة) و(الصيام) واختُلِفَ في إسناده اختلافًا كثيرًا، وطريق ابن نُمَير هذا أرجحها.
قوله: (حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلعم ) أشار به إلى أنَّهُ رُويَ هذا الحديث عن جماعةٍ مِنَ الصحابة، ولا يقال لمثل هذا: راويه مجهولٌ؛ لأنَّ الصحابة كلَّهم عدولٌ.
قوله: (فَنَسَخَتْهَا {وَأَن تَصُومُوا}) الضمير في (نسختها) يرجع إلى الإطعام الذي يدلُّ عليه (أَطْعَمَ)، والتأنيث باعتبار (الفدية)، وقوله: {وَأَن تَصُومُوا} في محلِّ الرفع على الفاعليَّة، والتقدير: قولُهُ: {وَأَن تَصُومُوا} وكلمة {أَنْ} مصدريَّة، تقديره: وصومكم خيرٌ لكم، وقال الكَرْمَانِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: كيف وجه نسخها لها والخيريَّة لا تقتضي الوجوب؟ قُلْت: معناه الصوم خيرٌ مِنَ التطوُّع بالفدية، والتطوُّع بها سنَّة، بدليل أنَّهُ خير، والخير مِنَ السُّنَّة لا يكون إلَّا واجبًا انتهى.
قُلْت: إن كان المراد مِنَ السُّنَّة هي سُنَّة النَّبِيِّ صلعم ، فسنَّة النَّبِيِّ كلُّها خيرٌ، فيلزم أن تكون كلُّ سنَّة واجبةً، وليس كذلك، وقال السُّدِّيُّ: عن مُرَّةً عن عبد الله قال: لمَّا نزلت هذه الآية: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ [فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}[البقرة:184] قال: يقول: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ}] أي: يتجشَّمونه، قال عبد الله: فكان مَن شاء صام، ومَن شاء أفطر وأطعمَ مسكينًا، {فَمَن تَطَوَّعَ} قال: أطعم مسكينًا آخرَ؛ {فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ} فكانوا كذلك حَتَّى نسختها / {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}.