عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب من أفطر في السفر ليراه الناس
  
              

          ░38▒ (ص) بابُ مَنْ أَفْطَرَ فِي السَّفَرِ لِيَرَاهُ النَّاسُ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان شأن الذي أفطر في السفر ليراه الناسُ، فيقتدوا به، ويفطروا به، ويُفهَمُ منه أنَّ أفضليَّةَ الفطرِ لا تختصُّ بمَن تعرِضُ له المشقَّة إذا صام، أو بمَن يخشى العُجْبَ والرياء، أو بمَن يُظَنُّ به أنَّهُ رغب عنِ الرخصة، بل إذا رأى مَن يُقتَدى به أنَّه إذا أفطرَ يفطر هو أيضًا؛ وذلك لأنَّ النَّبِيَّ صلعم إِنَّما أفطر في السفر ليراه الناس، فيقتدوا به، ويفطرون؛ لأنَّ الصيام كان أضرَّهم، فأراد صلعم الرفقَ بهم، والتيسيرَ عليهم؛ أخذًا بقوله تعالى: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة:185]، فأخبر تعالى أنَّ الإفطار في السفر إرادةَ التيسير على عباده، فمَنِ اختارَ رخصةَ الله، فأفطر في سفره أو مرضه؛ لم يكن مُعنَّفًا، ومنِ اختار الصوم وهو يُسرٌ عليه؛ فهو أفضل؛ لورود الأخبار بصومه صلعم في السفر.