عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب من صام رمضان إيمانا واحتسابا ونية
  
              

          ░6▒ (ص) بَابُ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَنِيَّةً.
          [(ش) أي: هذا بابٌ يُذكَرُ فيه قولُه صلعم : (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا) إلى هنا لفظُ الحديثِ، وقوله: (وَنِيَّةً) زيادةُ على لفظ الحديث، وهو نُصِبَ على أنَّهُ عطف على قوله: (احْتِسَابًا)، وإِنَّما زاد هذه اللَّفظةَ؛ لأنَّ الصومَ] هو التقرُّب إلى اللهِ تعالى، والنِّيَّةُ شرطٌ في وقوعه قربةً، وإِنَّما لم يذكر جوابَ (مَن) اكتفاءً بذكره في الحديث.
          (ص) وَقَالَتْ عَائِشَةُ ♦ عَنِ النَّبِيِّ صلعم :«يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ».
          (ش) هذا قطعةٌ مِن حديثٍ وصله البُخَاريُّ في أوائل (البيوع) مِن طريق نافع بن جُبَيرٍ عنها، وأوَّله:«يغزو جيشٌ الكعبةَ، حَتَّى إذا كانوا ببيداءَ مِنَ الأرض يُخسَفُ بأوَّلهم وآخرهم» قالت: قُلْت: يا رسول الله؛ كيف يُخسَفُ بأوَّلهم وآخرهم وفيهم أسواقُهم ومَن ليس منهم؟! قال:«يُخسَفُ بأوَّلهم وآخرهم، ثُمَّ يُبعثَون على نِيَّاتهم» يعني: يوم القيامة، وإِنَّما ذكر هذه القطعةَ [هنا؛ تنبيهًا على أنَّ الأصلَ في الأعمال النِّيَّةُ، وهو وجهُ المطابقةِ بينَ هذه القطعةِ] وبين قوله: (ونِيَّة) في الترجمة.
          قوله: (يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ) يعني: مَن كان منهم مختارًا تقعُ المؤاخذةُ عليه، ومَن كان مُكرَهًا ينجو.