مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب من استعان عبدًا أو صبيًا

          ░27▒ باب من استعان عبداً أو صبيًّا
          ويذكر أن أم سلمة بعثت.. الحديث.
          ثم ساق حديث أنس: لما قدم رسول الله.. الحديث.
          التعليق أخرجه وكيع، عن معمر، عن سفيان، عن ابن المنكدر، عنها. ولم يسمع منها.، و(ينفشون) بضم الفاء، قاله الجوهري: نفشت الصوف والقطن أنفشه نفشاً. ونفشت الإبل والغنم نفوشاً: رعت ليلاً.
          وحديث الباب دال على جواز استخدام الأحرار وأولاد الجيران فيما لا كثير مشقة عليه فيه، وفيما لا يخاف عليهم منه التلف.
          كاستخدام الشارع أنساً وهو صغير فيما أطاقه وقوي عليه. واشتراط أم سلمة أن لا يرسل إليها حرًّا؛ فلأن الجمهور قائلون بأن من استعان صبيًّا حرًّا لم يبلغ، أو عبداً بغير إذن مواليه فهلكا في ذلك العمل، فهو ضامن لقيمة العبد ولدية الصبي على عاقلته.
          ولا شك أن أم سلمة أم لنا، فمالنا كمالها، وعبيدنا كعبيدها.
          وقال الداودي: يحتمل فعل أم سلمة؛ لأنها أمهم. وعلى هذا لا يفترق أن تفرق بين حر وعبد، ولو حمل الصبي على دابة يستقيها أو يمسكها فوطئت الدابة رجلاً فقتلته. فقال مالك في ((المدونة)): الدية على عاقلة الصبي ولا ترجع على عاقلة الرجل، وهو قول الثوري.
          فإن استعان حرًّا بالغاً متطوعاً أو بإجارة، وأصابه شيء، فلا ضمان عليه عند جميعهم. إن كان ذلك العمل لا غرر فيه، وإنما يضمن من جنى أو تعدى.
          واختلف فيمن استعمل عبداً بالغاً في شيء فعطب. فقال ابن القاسم: إن استعمل عبداً في بئر يحفرها ولم يؤذن له في الإجارة، فهو ضامن إن / عطب. وكذلك إن بعثه بكتاب إلى سفر.
          فإن قلت: فما وجه قوله: (ما قال لشيء صنعته).. إلى آخره. وظاهره يدل أنه تكرير يدخل في القسم الأول على شيء فعله وإن كان ناقصا عن إرادته، ولا لامه في القسم الآخر على شيء ترك فعله خشية الخطأ فيه، فتركه أنس من أجل ذلك، فلم يلمه على تركه إذاكان يتجوزه منه لو فعله، وإن كان ناقصاً عن إرادته.
          فله أن يتجوز عنه ما لم يفعله مواقعة في الخطأ فيه لو فعله ناقصاً؛ لشرف خلقه وحلمه.
          قوله في أنس: (غلام كيس) الكيس خلاف الحمق. والرجل كيس مكيس؛ أي: ظريف.
          وقيل: الكيس: العاقل، والمعنى متقارب.