مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب دية الأصابع

          ░20▒ باب دية الأصابع
          فيه حديث ابن عباس، عن النبي صلعم قال: ((هذه وهذه سواء)) يعني: الخنصر والإبهام.
          وعنه: سمعت النبي صلعم، نحوه.
          هذان الطريقان ذكرهما من حديث شعبة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً، وكأنه ساق الثاني لتصريح ابن عباس بسماعه من رسول الله صلعم، وإن كان روايته عنه بلفظ غير متصل أيضاً.
          والخنصر بالكسر: الأصبع الصغرى.
          ومن طريق (د) بإسناد شعبة: ((الأصابع سواء، والأسنان سواء، الثنية والضرس سواء هذه وهذه سواء)) قال ابن حزم: لا نعلم في الديات في الأعضاء أثراً يصح في توقيتها وبيانها إلا هذا.
          ثبت في كتاب الديات الذي كتبه سيدنا رسول الله صلعم لآل عمرو بن حزم أنه قال: ((في اليد خمسون من الإبل: في كل أصبع عشر من الإبل)) وأجمع العلماء على أن في اليد نصف الدية، وأصابع اليد والرجل سواء، وعلى هذا أئمة الفتوى، ولا فضل لبعض الأصابع عندهم على بعض.
          قال ابن المنذر: روينا ذلك عن عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود وزيد بن ثابت، وجاءت رواية شاذة عن عمر وعروة [و]ابن الزبير بتفضيل بعض الأصابع على بعض.
          روى الثوري وحماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، وعن سعيد بن المسيب أن عمر جعل في الإبهام خمس عشرة، وفي البنصر تسعاً، وفي الخنصر ستًّا، وفي السبابة والوسطى عشراً عشراً، حتى وجد في كتاب ((الديات)) عند آل عمرو بن حزم: أنه ◙ قال: ((الأصابع كلها سواء)) فأخذ به، وترك قوله الأول.
          وذكر ابن المنذر، عن الشعبي قال: كنت جالساً مع شريح إذ أتاه رجل فقال: أخبرني عن دية الأصابع؟ فقال: في كل [إصبع] عشر من الإبل، فقال: سبحان الله، أسواء هي؟ يعني: الإبهام والخنصر قال: ويحك، إن السنة منعت قياسكم، اتبع ولا تبتدع، فإنـ[ك] لن تضل ما أخذت بالسنن، سواء أذناك ويداك تغطيهما العمامة والقلنسوة وفيها نصف الدية، وفي اليد نصف الدية.
          وأما مفاصل الأصابع فروينا من حديث قتادة عن عكرمة، عن عمر أنه قضى في كل أنملة بثلث دية الأصابع.
          وعن سليمان بن موسى قال: في كتاب عمر بن عبد العزيز إلى الأجناد في كل قصبة من قصب الأصابع قطعـ[ت] أو شلت ثلث دية الأصابع، إلا ما كان من إبهامها فإنما هي قصبتان، ففي كل قصبة من الإبهام نصف ديتها.
          قال ابن حزم: ولا نعرف في هذا خلافاً.
          وأما الأصبع تشل فقد جاء عن رسول الله: ((في الأصابع عشر عشر)) فهذا عموم لا يخرج منه إلا ما أخرجه نص أو إجماع.
          وقد قيل: إن شلل الأصابع دية كاملة. وهذا النص الذي ذكرناه يقتضي أن أصابع اليدين والرجلين سواء؛ لعموم ذكر الأصابع. وعن زيد بن ثابت أنه قال: في الأصبع الزائدة ثلث دية أصبع. وقال معمر: بلغني أن في الأصبع الزائدة والسن الزائدة ثلث ديتها.
          وقال آخرون: فيها حكم. وقال آخرون: لا شيء فيها.
          وذكر ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال: كان يقال: إذا كسرت الرجل أو اليد ثم برأت ولم ينقص منها شيء أرشها مائة وثمانون درهماً، وعن عبد الله بن ذكوان أن عمر قضى في رجل كسرت ساقه وجبرت فاستقامت بعشرين ديناراً. وقال شريح: على الكاسر أجر الجابر وإذا قطعت اليد الشلاء ففيها ثلث الدية، قاله سعيد بن المسيب وإبراهيم وعمر بن الخطاب وابن عباس. وقال مسروق وإبراهيم: فيها حكم.