مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب قول الله تعالى:{أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف}

          ░6▒ باب قول الله: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة:45]
          فيه حديث مسروق، عن عبد الله قال: قال رسول الله: ((لا يحل دم امرئ / مسلم)) الحديث.
          سلف الكلام على هذه الآية وأنها ليست بناسخة؛ لأن آية البقرة عند ابن عباس كالمفسرة لها، وأن أهل العراق جعلوها ناسخة لها، والأول أولى لوجهين:
          1- أن هذا تفسير ابن عباس.
          2- أنه قول يوافق بعضه بعضاً والتنزيل على نسق واحد، وقول أهل العراق ليس بنسق؛ لأنهم أخذوا أول الآية وهو {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} وتركوا ما وراء ذلك، وليس لأحد أن يفرق ما جمعه الله تعالى، فيأخذ بعضه دون بعض، إلا أن يفرق بين ذلك كتاب أو سنة.
          قوله: (الثيب الزاني) لا يدخل فيه العبد، وقد اتفق الكوفيون مع مالك: أن من شروط الإحصان الموجبة للرجم عندهم الحرية والبلوغ والزنا، فإذا زنا العبد وإن كان ذا زوجة فحده الجلد عندهم، فكما لا يدخل العبد في عموم الثيب الزاني كذا لا يدخل في عموم النفس بالنفس.
          قوله: (المفارق لدينه) هو عام في جميع الناس؛ لإجماع الأمة أن بالردة يجب القتل على كل مسلم فارق دينه عبداً كان أو حرًّا، فخص هذا بالإجماع. وقال أبو الحسن القابسي: قوله: ((المفارق لدينه)) يريد الخارج منه، فيحتمل أن يكون خروجه ترك الجماعة أو يبقى عليها، فيقاتل على ذلك حتى يفيء إلى دينه، وإلى الجماعة، وليس بكافر بخروجه، ويمكن أن يكون خروجه كفراً وارتداداً، وقيل: يحتمل أن يريد من يسعى في الأرض فساداً.
          وقال الداودي: هذا الحديث منسوخ بقوله تعالى: {مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ} [المائدة:32] فأباح القتل بالفساد، وبقوله: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} الآية [الحجرات:9] والقتال يرمي إلى القتل فأباحه بالبغي وبحديث قتل الفاعل والمفعول به، في الذي يعمل عمل قوم لوط. وقيل: هما في الفاعل بالبهيمة. وقال عمر: من بايع رجلاً من غير مشورة، قتل من بويع ومن بايعه. وقال عمر بن عبد العزيز: تستتاب القدرية، فإن تابوا وإلا قتلوا.
          وقال كثير من العلماء: إن تارك الصلاة يقتل.
          قال: وهذا كله غير الثلاث. قال: وقد يكون قال ذلك قبل نزول الفرائض وأكثر الحدود.