مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: السن بالسن

          ░19▒ باب {السِّنَّ بِالسِّنِّ} [المائدة:45]
          فيه حديث أنس بن مالك أن ابنة النضر لطمت جارية فكسرت ثنيتها الحديث قال تعالى: {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ}.
          وأجمع العلماء أن هذه الآية في العمد، فمن أصاب سن أحد عمداً ففيه القصاص على حديث أنس هذا.
          واختلف في سائر عظام الجسد إذا كسرت عمداً.
          فقال مالك: عظام الجسد كلها فيها القود إذا كسرت عمداً: الذراعان والعضدان والساقان والقدمان والكعبان والأصابع، إلا ما كان مجوفاً مثل الفخذ وشبهه كالمأمومة والمنقلة والهاشمة والصلب، ففي ذلك الدية.
          وقال الكوفيون: لا قصاص في عظم يكسر ما خلا السن، للآية السالفة، وهو قول الليث والشافعي.
          قال ابن المنذر: ومن قال: لا قصاص في عظم فهو مخالف للحديث، والخروج إلى النظر غير جابر مع وجود الخبر، واتفق جمهور الفقهاء على أن دية الأسنان في الخطأ في كل سن خمس من الإبل.
          والحديث ساقه (خ) مرة مطولاً، وأن الحالف فيه أنس بن النضر، ووقع في (م): أن الحالف أم الربيع، والصواب الأول، ويجوز تعدد الواقعة.
          قال أبو محمد بن حزم: ورد في أمر الربيع حديثان مختلفان، وحكمان اثنان في قضيتين مختلفتين لحادثة واحدة، أحد الحكمين في جراحة جرحتها الربيع إنساناً، فقضى ◙ بالقصاص من تلك الجراحة، فحلفت أنها لا تقتص منها، فأبر الله قسمها ورضوا بالدية، والحكم الثاني: في ثنية امرأة كسرتها فقضى بالقصاص، فحلف أخوها أنس بن النضر أن لا / يقتص منها ورضوا بالأرش، فقال ◙: ((إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره)) فلا حرج كما ترى أنهما حديثان جراحة وثنية ودية وأرش، وحلفت أمها في الواحدة، وحلف أخوها في الثانية، وكان هذا قبل أحد؛ لأن أنس بن النضر قتل يوم أحد.