مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: إذا عضَّ رجلًا فوقعت ثناياه

          ░18▒ باب إذا عض رجلاً فوقعت ثناياه
          فيه حديث زرارة بن أوفى وهو أبو حاجب العامري الجرمي قاضي البصرة عن عمران بن حصين أن رجلاً عض يد رجل فنزع يده من فيه الحديث.
          وحديث صفوان بن يعلى، عن أبيه قال: خرجت في غزوة.. الحديث.
          حديث عمران سلف، ولأبي داود من حديث يعلى: ((إن شئت أن تمكنه من يدك فيعضها ثم تنزعها من فيه)) وهذا الرجل المعضوض أجير يعلى لا يعلى على ما صححه الحفاظ، وإن كان يحتمل تعدد الواقعة.
          واختلف في هذا الباب:
          فقالت طائفة: من عض يد رجل فانتزع المعضوض يده من في العاض فقلع سنًّا من أسنان العاض، فلا شيء عليه في السن، وروي عن / الصديق وشريح، وهو قول الكوفيين والشافعي، قالوا: ولو جرحه المعضوض في موضع آخر فعليه ضمانه.
          وقال ابن أبي ليلى ومالك: هو ضامن لدية السن.
          وقال عثمان البتي: إن كان انتزعها من ألم ووجع أصابه فلا شيء عليه، وإن انتزعها من غير ألم فعليه الدية.
          حجة الأولين حديث الباب، وفي لفظ: ((أيدع يده من فيه فيعضه كما يعض الفحل، لا دية له)) وهذا خبر لا تجوز مخالفته لصحته، ولعدم مخالف له.
          قالوا: ولا يختلفون أن من شهر سلاحاً وأومأ إلى قتل رجل وهو صحيح العقل، فقتله المشهور عليه دفعاً له عن نفسه، أنه لا ضمان عليه، وإذا لم يضمن نفسه فدفعه عن نفسه كذلك لا يضمن مثله بدفعه إياه عن عضه.
          احتج أصحاب مالك فقال: يحتمل أن يكون سقوط الثنية من شدة العض لا من نزع صاحب اليد يده؛ لأنه قال: نزع يده فسقط ثنية العاض؛ فلهذا لم يجب له شيء، وإن كان من فعل صاحب اليد، فقد كان يمكنه أن يخلص يده من غير قلع سنه، فلذلك وجب عليه ضمانها.
          واعتذر ابن داود وابن بطال عن هذا الحديث بأن مالكاً لم يروه، ولو رواه ما خالفه؛ وأنه من رواية أهل العراق، وقال يحيى بن عمر: لو بلغ مالكاً ما خالفه.
          ومن غرائب الحكايات: ما ذكره أبو الفرج الأصبهاني في ((تاريخه)): أن فلاناً سماه كان في سمار الوليد بن يزيد بن عبد الملك، فبينا هو عنده إذ نعس الخليفة فعطس الرجل عطسة شديدة انزعج لها الخليفة وقال: إنما أردت التشويش علي بهذه العطسة. فحلف أنها لعطاسته دائماً. فقال: لئن لم تأتني بمن يشهد لك على ذلك لأنكلن بك، فجاء رجل من خواص الخليفة، فقال: أشهد أنه عطس يوماً فسقط ضرسان من أضراسه.
          والثنية: مقدم الأسنان، ويعض: بفتح العين؛ لأن أصل ماضيه عضض على وزن علم، فيكون مستقبله يعضض، مثل: مس يمس أصله: يمسس، قال الجوهري: عن أبي عبيد: عضضه لغة في الباب يعني: قبيلة.