مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب من رأى مع امرأته رجلًا فقتله

          ░40▒ باب من رأى مع امرأته رجلاً فقتله
          فيه حديث المغيرة قال: قال سعد: لو رأيت مع امرأتي رجلاً.. الحديث.
          قوله: (غير مصفح) هو بإسكان الصاد وفتح الفاء، كذا هو مضبوط في الأصول. قال ابن التين: وكذا رويناه اسم مفعول من أصفح. وحكى أبو عبد الملك كسرها أيضاً.
          وفي ((الصحاح)): صفحته إذا ضربته بالسيف مصفحاً؛ أي: بعرضه، تقول: وجه هذا السيف مصفح؛ أي: عريض من صفحته.
          قوله: (أتعجبون من غيرة سعد) قال الداودي: يدل على أنه حمد ذلك وأجازه له فيما بينه وبين الله. (والغيرة) من أحمد الأشياء ومن لم تكن فيه فليس على خلق محمود. وقال المهلب: هو دال على وجوب القود فيمن قتل رجلاً وجده مع امرأته؛ لأن الله وإن كان أغير من عباده فإنه أوجب الشهود في الحدود، فلا يجوز لأحد أن يتعدى حدود الله ولا يسقط دماً بدعوى.
          وفي ((الموطأ)) نحو هذا مبيناً من حديث سهيل عن أبيه، عن أبي ذر عن أبي هريرة أن سعد بن عبادة قال: يا رسول الله، أرأيت إن وجدت مع امرأتي رجلاً أمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ فقال ◙: ((نعم)). ووجه ذلك أن الحدود لا يقيمها إلا السلطان.
          وفيه من الفقه قطع الذرائع والتسبب إلى قتل الناس والادعاء عليهم بمثل هذا وشبهه.
          وفي حديث سعد من رواية مالك: النهي عن إقامة الحدود بغير سلطان وبغير شهود؛ لأن الله تعالى عظم دم المسلم وعظم الإثم فيه، فلا يحل سفكه إلا بما أباحه الله تعالى، وبذلك أفتى عليٌّ فيمن قتل رجلاً وجده مع امرأته فقال: إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته؛ أي: يسلم برمته للقتل، وعلى هذا جمهور العلماء.
          وقال الشافعي وأبو ثور يسعه فيما بينه وبين الله، قتل الرجل وامرأته إن كانا ثيبين وعلم أنه قد نال منها ما يوجب الغسل ولا يسقط عنه القود في الحكم. وقال أحمد: (إن جاء ببينة أنه وجد مع امرأته رجلا وقتله يهدر دمه) إن جاء بشاهدين، وهو قول إسحاق، وهذا خلاف ما أسلفناه من قوله: أمهله حتى يأتي بأربعة؟ قال: ((نعم)).
          وقال ابن المغيرة: لا قود فيه ولا دية، وقد أهدر عمر بن الخطاب دماً من هذا الوجه.
          وقال ابن المنذر: الأخبار عن عمر مختلفة في هذا وعامتها منقطعة، فإن ثبت عنه الإهدار فيها فإنما ذلك لبينة ثبتت عنده تسقط الحد.
          وروى عبد الرزاق عن الثوري عن المغيرة بن النعمان عن هانئ بن حزام أن رجلاً وجد مع امرأته رجلاً فقتلهما، قال: فكتب عمر كتاباً في العلانية: أن يقتلوه، وكتاباً في السر: أن يعطوه الدية.
          قال الشافعي: وبحد[يث] علي نأخذ ولا أحفظ عن أحد من [أهل] العلم قبلنا مخالفة له.