مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب سؤال الإمام المقر هل أحصنت؟

          ░29▒ باب سؤال الإمام المقر بالزنا: هل أحصنت؟
          فيه حديث أبي هريرة في قصة ماعز، إنه ◙ قال: ((أحصنت؟)) الحديث.
          ولازم على كل إمام أن يسأل المقر إن كان محصناً أو غير محصن؛ لأنه ◙ قد فرق بين حد المحصن والبكر، فواجب عليه أن يقف على ذلك، كما يجب عليه إذا أشكل احتلام المقر أن يسأله.
          ثم بعد ذلك يلزمه تصديق كل واحد منهما؛ لأن الحد لا يقام إلا باليقين، ولا يحل فيه التجسس. ولما كان قوله مقبولاً في اللمس والغمز كان قوله مقبولاً في الإحصان، فالباب واحد في ذلك. ولا شك أنه إذا لم يعلم بحاله أن سؤاله عن إحصانه واجب، وإن علم بإقراره قبل فلا.
          واختلف إذا لم يسمع منه إقرار ولا إنكار على ثلاثة أقوال للمالكية، مذكورة في كتبهم.
          قوله: (أذلقته الحجارة جمز) سلف معنى أذلقته، و(جمز): أسرع يهرول.
          قال الجوهري: الجمز: ضرب من السير أشد من العنق. وقال بعض السلف لرجل: اتق الله قبل أن يجمز بك، يريد: المشي السريع في جنازته، وسلف اختلاف العلماء في الاعتراف بالزنا هل يفتقر إلى عدد، وقد أجبنا عن شبهة من اعتبر بعدده، قالوا: ولما كان الزنا مخصوصاً من بين سائر الحقوق بأربعة شهداء جاز أن يكون مخصوصاً بإقرار أربع مرات.
          وحجة من لم يشرطه قصة الغامدية، وقوله لأنيس: ((فإن اعترفت فارجمها)) ولم يقل أربعاً، فلا معنى لاعتباره / ، وأيضاً فإنه لا يدل على مخالفة الزنا لسائر الحقوق في أنه مخصوص بأربعة شهداء على مخالفته في الإقرار؛ لأن القتل مخالف للأموال في الشهادات، فلا يقبل في القتل إلا شاهدان، ويقبل في الأموال شاهد وامرأتان، ثم اتفقنا في باب الإقرار أنه يقبل فيه إقرار مرة، ولو وجب اعتبار الإقرار بالشهادة لوجب أن لا يقبل في الموضع الذي لا يقبل فيه إلا شاهدان الإقرار مرتين.
          وقد أجمع العلماء أن سائر الإقرارات في الشرع يكفي فيها مرة واحدة، وإن أقر بالردة مرة واحدة يلزمه اسم الكفر، والقتل لازم عليه، فلزم في الزنا مثله، وإنما لم يقم عليه أول مرة؛ لما سلف من أنه ◙ رآه مخيل الصورة فزعاً أراد التثبت في أمره، هل به جنة أم لا؟ مع أنه كره ما سمع منه فأعرض عنه رجاء أن يستر على نفسه ويتوب إلى الله، ألا ترى أنه لقيه بقوله: ((لعلك لمست)) فلا معنى لاعتبار العدد في الإقرار.